في تصريح جديد مثير للجدل، قال الإعلامي المؤيد للنظام، نشأت الديهي، في إحدى حلقاته: "ربنا أرسل السيسي في هذا التوقيت عشان مصر يتكتب لها عمر جديد".
إلا أن هذا الخطاب الوجداني يصطدم بواقع اقتصادي واجتماعي متدهور تعيشه البلاد بعد 12 عامًا من الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب، الدكتور محمد مرسي، في 3 يوليو 2013، تحت غطاء "ثورة شعبية" في 30 يونيو.
مقولة نشأت الديهي التي ترى في السيسي منقذًا لمصر في توقيت حاسم لا تتوافق مع الواقع الذي يعاني من:
- تفاقم الفقر والغلاء ونقص الأدوية.
- ارتفاع معدلات الانتحار والفشل التعليمي.
- قمع الحريات السياسية وغياب الديمقراطية.
- توسع دور الجيش في الاقتصاد مع تفشي الفساد.
- أزمات ديون متزايدة تهدد الاستقرار المالي.
هذه المؤشرات تدل على فشل النظام في تحقيق التنمية الشاملة والاستقرار السياسي والاجتماعي، مما يجعل "العمر الجديد" الذي تحدث عنه نشأت الديهي بعيدًا عن الواقع المعيش للمصريين.
واقع اقتصادي يزداد قتامة
بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (2024)، تجاوزت نسبة الفقر في مصر 32.5%، بينما ترتفع النسبة في صعيد مصر إلى أكثر من 50%، وسط انهيار القوة الشرائية وانخفاض قيمة الجنيه المصري الذي تراجع إلى ما يزيد عن 50 جنيهًا للدولار الواحد بحلول يونيو 2025، مقارنة بـ7 جنيهات قبل الانقلاب.
وفي ظل أزمة الديون المتفاقمة، ارتفع الدين الخارجي إلى أكثر من 190 مليار دولار، وفقًا لتقارير البنك المركزي المصري (مايو 2025)، ما يضع مصر ضمن أكثر الدول مديونية في المنطقة.
نقص الأدوية وخطر انهيار المنظومة الصحية
شهد عام 2024 نقصًا حادًا في أكثر من 150 صنفًا دوائيًا أساسيًا، بينها أدوية القلب والأورام والمضادات الحيوية، حسب تقارير صادرة عن نقابة الصيادلة.
كما حذّرت نقابة الأطباء من تدهور المستشفيات الحكومية بعد هجرة أكثر من 12 ألف طبيب خلال السنوات الخمس الماضية، بسبب تدني الأجور وسوء بيئة العمل.
انتحار.. وغياب الأمل بين الشباب
تصدرت مصر قائمة الدول العربية في معدلات الانتحار عام 2023، وفق منظمة الصحة العالمية، وسُجلت أكثر من 8 آلاف حالة انتحار ومحاولة انتحار خلال العام، معظمها بين الشباب.
وأرجع باحثون اجتماعيون هذه الظاهرة إلى البطالة وغياب العدالة الاجتماعية وانسداد الأفق السياسي.
فشل تعليمي شامل رغم مزاعم "التطوير"
في قطاع التعليم، احتلت مصر المرتبة 139 من أصل 140 دولة في مؤشر جودة التعليم لعام 2024 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
ورغم إنفاق مليارات على أنظمة إلكترونية وتجريبية، لا تزال المدارس تعاني من تكدس الفصول، ونقص المعلمين، وتدني النتائج، وسط حديث متكرر عن فساد في صفقات "التابلت" ومنصات التعليم عن بُعد.
مشروعات وهمية وعوائد غائبة
مشروعات كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة التي التهمت أكثر من 60 مليار دولار، وفقًا لبيانات غير رسمية، لم تحقق عائدًا ملموسًا على حياة المواطن العادي، بل وُصفت بأنها "عاصمة الأغنياء" بينما تعاني المحافظات من تدهور البنية التحتية، وانقطاع المياه، وتراكم القمامة.
"عمر جديد" أم موت بطيء؟
الكاتب الاقتصادي ممدوح الولي، نقيب الصحفيين السابق، وصف تصريحات الإعلاميين الموالين للسلطة بأنها "محاولة لتزييف وعي الناس"، قائلاً: "ما يُقال في الإعلام لا يمت بصلة لحياة المواطنين اليومية التي ينهشها الفقر والغلاء والضرائب وغياب الأمل".
وأضاف أن مصر تعيش حاليًا أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، وأن المقارنة الحقيقية يجب أن تكون بين أوضاع ما قبل 2013 وبعدها، وليس بين أوهام وشعارات.
30 يونيو.. انقلاب أم إنقاذ؟
بعد 12 عامًا على انقلاب 30 يونيو، تبقى الأسئلة معلّقة:
هل كان ما حدث إنقاذًا حقيقيًا لمصر، أم انحرافًا خطيرًا عن المسار الديمقراطي؟
هل أنقذ السيسي البلاد من الانهيار، أم أدخلها في نفق لا يُرى له ضوء في آخره؟
وحدها الأرقام والوقائع تُجيب، بعيدًا عن بلاغة الشاشات.