ذكر موقع ميدل إيست آي أن رئيس الانقلاب المصري عبد الفتاح السيسي صدق على قرار يتيح نقل ملكية 174 كيلومترًا مربعًا من الأراضي الساحلية في منطقة رأس شقير بمحافظة البحر الأحمر إلى وزارة المالية، لاستخدامها كضمان لإصدار صكوك سيادية. يسعى القرار إلى التخفيف من أزمة الديون الخارجية المتفاقمة، لكنه أثار صدمة سياسية وانتقادات واسعة لغياب النقاش البرلماني والمجتمعي المسبق.

الصكوك أداة تمويل إسلامية شبيهة بالسندات، تعتمد على الملكية الجزئية لأصول حقيقية بدلًا من الفوائد، ما يجعلها متوافقة مع أحكام الشريعة. نص القرار الرئاسي، المنشور في الجريدة الرسمية في 10 يونيو، على حدود الأرض فقط من دون تفاصيل إضافية.

تواجه مصر أزمة اقتصادية خانقة، وتبحث عن مصادر تمويل بديلة لتقليل الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي وخدمة الدين الخارجي، الذي يقترب من 155 مليار دولار، من بينها نحو 60.8 مليار دولار يجب سدادها قبل نهاية العام المالي الجاري في 30 يونيو.
 

انتقادات داخلية وتحذيرات من التفريط

وصف معارضون القرار بأنه امتداد لسياسات بيع أصول الدولة لصالح مستثمرين خليجيين، بصفقات توصف بأنها "مطابقة للشريعة"، لكنها تمثل تخلّيًا عن أصول استراتيجية. وقارَنوا الخطوة بصفقة رأس الحكمة مع صندوق أبو ظبي السيادي العام الماضي، والتي جلبت عملة صعبة مؤقتة وخففت الضغط على الجنيه.

قال الخبير المالي أحمد عبد الطاهر إن الدولة تتبنى توجهًا عامًّا لتحويل الأصول غير السائلة مثل الأراضي إلى أدوات تدر سيولة فورية. وأوضح أن الصكوك تربط العوائد المستقبلية بالأرباح المتوقعة من تطوير أو تأجير تلك الأراضي.

أوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن اعتماد الحكومة على دعم الخليج يؤسس لحالة من التبعية السياسية، ويهدد استقلال القرار الوطني، معتبرًا أن الاعتماد الاقتصادي يقود إلى خضوع سياسي تدريجي.

ردّت وزارة المالية على الانتقادات ببيان رسمي أكّدت فيه أن الأرض لن تُباع، بل ستُستخدم كضمان لإصدار صكوك بشروط تمويل ميسرة، مع الاحتفاظ بملكيتها للدولة.
 

موقع استراتيجي وأهمية قومية

تقع رأس شقير على الساحل الغربي لخليج السويس، على بُعد نحو 350 كيلومترًا من القاهرة. تُعدّ المنطقة ذات أهمية اقتصادية واستراتيجية كبيرة، باعتبارها مركزًا للنشاط البحري ومشروعات الطاقة الخضراء، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر والأمونيا.

رغم تطمينات الحكومة، يرى معارضون أن رأس شقير تملك وزنًا استراتيجيًا واقتصاديًا لا يجب رهنه أو استخدامه كأداة مالية. كتب خالد علي، المرشح الرئاسي السابق، في منشور عبر فيسبوك، أن الحكومة تواصل سياسات الاقتراض الخارجي رغم التحذيرات المتكررة، وهو ما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للجنيه وتفاقم المعاناة الاقتصادية.

أشار خبير اقتصادي بارز، فضّل عدم الكشف عن هويته، إلى أن الصكوك قد لا تضمن عوائد كافية، متسائلًا عن مصير الأصول في حال تعثّر السداد. ولفت إلى أن هذه السياسات تمنح حاملي الصكوك، ومنهم مستثمرون أجانب، حق الملكية الجزئية في أراضٍ ذات أهمية وطنية.

قال المجلس الثوري المصري المعارض من إسطنبول إن الحكومة "تخدع المصريين" بالحديث عن صكوك لا تعني البيع، مؤكدًا أن هذه الأدوات تتيح تداول الأصول في الأسواق المالية، وقد تتحول إلى وسيلة استحواذ على الأرض إذا لم تفِ الدولة بالتزاماتها.
 

مخاوف أمنية من فقدان السيطرة

أثار القرار مخاوف أمنية، رغم نص المرسوم على استمرار إشراف الجيش على المناطق الاستراتيجية في رأس شقير. قال ضابط سابق رفيع المستوى إن الساحل الممتد من باب المندب إلى قناة السويس يشكل منطقة حساسة عسكريًّا واقتصاديًّا وجيوسياسيًّا. واعتبر أن السيطرة على رأس شقير أصبحت أكثر أهمية في ظل الهجمات الحوثية المتكررة على الملاحة في البحر الأحمر.

أوضح الضابط المتقاعد أن رأس شقير تُستخدم كمركز رئيسي لصادرات النفط الخام والبنية التحتية للطاقة، ما يجعلها نقطة ربط استراتيجية بين تدفقات النفط الخليجي وقناة السويس والأسواق الأوروبية.

حذّر من أن فقدان السيطرة أو انتقال الإدارة الأجنبية للمنطقة قد يعرّض أمن الطاقة المصري للخطر، ويدخل البلاد في صراع أوسع على طرق التجارة والموارد والنفوذ السياسي في المنطقة.
 

https://www.middleeasteye.net/news/egypts-sisi-allocates-strategic-red-sea-land-sukuk-cover-soaring-debt