طرح اتحاد المستأجرين مشروعًا جديدًا لحل الأزمة الممتدة منذ عقود، يقترح فيه مزيجًا من الزيادات التدريجية في القيمة الإيجارية، وتقليص امتداد التوريث، ومنح المستأجرين فرصًا للانتقال الآمن، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين المالكين والمستأجرين، وسط تصاعد الجدل حول قانون الإيجار القديم.

ففي الوقت الذي يناقش فيه البرلمان  مقترح الحكومة لتعديل قانون الإيجار القديم، تقدم عبدالسلام الجعار، مؤسس اتحاد مستأجري عقارات الإيجار القديم، بمشروع قانون بديل إلى رئيس مجلس النواب، اعتبره "حلًا عادلًا ومتوازنًا" للأزمة، محذرًا من أن الاستقطاب الاجتماعي حول الملف يهدد الاستقرار المجتمعي ما لم يتم احتواء الأزمة بصيغة توافقية.

 

زيادات مرحلية تراعي الأوضاع الاقتصادية
ينص المشروع على زيادة القيمة الإيجارية للمساكن الخاضعة لقانون الإيجار القديم بمعدل 6 أضعاف القيمة الحالية، على أن يُراعى التفاوت الاقتصادي بين الأحياء؛ بحيث لا يتجاوز الحد الأقصى للإيجار الشهري 300 جنيه في المناطق الراقية، و200 جنيه في المناطق المتوسطة، و100 جنيه في المناطق الشعبية.

كما ينص المقترح على زيادة سنوية بنسبة 5% لضمان تحريك الإيجار تدريجيًا دون إرهاق المستأجرين، بما يحقق التوازن المطلوب بين حق المالك في العائد العادل من ممتلكاته، وظروف المستأجرين في ظل الضغوط الاقتصادية.

 

إنهاء التوريث الممتد لعقود الإيجار
اقترح المشروع إنهاء العلاقة الإيجارية بانتهاء الجيل الأول فقط من ورثة المستأجر الأصلي، في محاولة لكسر ما وصفه الجعار بـ"التوريث غير العادل" للعقود، الذي تسبب في حرمان آلاف الملاك من حقوقهم الشرعية في استعادة التصرف في ممتلكاتهم.

ويهدف هذا البند إلى وقف امتداد العقود لما يعرف بالأجيال المتعاقبة، وفتح المجال تدريجيًا لتحرير العلاقة التعاقدية بما يتماشى مع المتغيرات الاقتصادية والسكانية في البلاد.

 

حلول انتقالية لتقليل الأعباء الاجتماعية
من بين البنود اللافتة في مشروع القانون، تخصيص أولوية للمستأجرين المنتهية عقودهم في الحصول على وحدات بديلة من تلك التي توفرها الدولة، وذلك في حال الإخلاء بالتراضي. ويأمل مقدمو المشروع أن يسهم هذا البند في تجنب أية صدمات اجتماعية أو تشريد أسر كانت تستفيد من مزايا الإيجار القديم لسنوات طويلة.

وأكد الجعار في تصريحات صحفية أن "المشروع لا ينحاز لطرف على حساب الآخر، بل يسعى لإنهاء حالة التجميد والجمود القانوني، وتحقيق العدالة دون تصعيد".

 

توجيهات رئاسية وتمهيد تشريعي
وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد كشف مؤخرًا عن صدور توجيه رئاسي من عبد الفتاح السيسي بزيادة المدة الانتقالية في مشروع الحكومة المعروض على البرلمان، والتي كانت محددة بخمس سنوات. وتُعد هذه التوجيهات جزءًا من مساعي السلطة التنفيذية لتمرير القانون دون إثارة قلاقل اجتماعية.

يأتي هذا التحرك في أعقاب حكم المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر الماضي بعدم دستورية تثبيت قيمة الإيجار السكني في القانون رقم 136 لسنة 1981، ما فرض على مجلس النواب التدخل التشريعي لإعادة التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.

 

معركة قانونية واجتماعية مفتوحة
تُعد أزمة الإيجار القديم واحدة من أكثر القضايا العقارية والاجتماعية تعقيدًا في مصر، حيث يعيش ملايين المواطنين في وحدات تعود عقودها إلى ما قبل عام 1996، بدفع إيجارات رمزية لا تتناسب مع أسعار السوق، في مقابل آلاف الملاك الذين لا يستطيعون الاستفادة من ممتلكاتهم.