شهدت مصر مؤخرًا حالة من القلق والاهتمام بعد الإعلان عن ظهور متحور جديد من فيروس كورونا يُعرف باسم "نيمبوس". جاء ذلك في ظل تزايد أعداد المترددين على العيادات الخارجية في مختلف المحافظات، خاصة خلال عطلة عيد الأضحى، حيث ظهرت أعراض متشابهة على العديد من المرضى.
وقد أثار هذا المتحور اهتمام الأوساط الطبية والسياسية والاقتصادية، مع تصاعد المخاوف من موجة جديدة من الإصابات قد تؤثر على الصحة العامة والاقتصاد الوطني.
هذا المتحور، الذي يحمل الاسم العلمي NB.1.8.1، أثار اهتمام الأوساط الطبية والسياسية والاقتصادية، مع مخاوف من موجة جديدة من الإصابات قد تؤثر على الصحة العامة والاقتصاد الوطني.
ظهور متحور نيمبوس وانتشاره العالمي
تم اكتشاف متحور نيمبوس لأول مرة في يناير 2025، وتم إدراجه ضمن قائمة المتغيرات العالمية قيد المراقبة في مايو من نفس العام، ينحدر هذا المتحور من سلالة أوميكرون، وقد تم رصد انتشاره في أكثر من 22 دولة حول العالم، من بينها المملكة المتحدة، الصين، الولايات المتحدة، الهند، بالإضافة إلى عدد من دول الشرق الأوسط مثل مصر.
وتشير التقديرات إلى أن نيمبوس أصبح مسؤولًا عن حوالي 10% من إصابات كوفيد-19 عالميًا، بعد أن كانت نسبته لا تتجاوز 2% قبل شهر واحد فقط، ما يدل على سرعة انتشاره.
وصرح أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، إسلام عنان، بأن المتحور لا يظهر حتى الآن قدرات استثنائية على الانتشار أو إحداث أعراض أشد، وأن الحديث عن ارتفاع نسب الإصابة بنسبة 97% يحتاج إلى تدقيق، إذ أن هذه النسبة تعكس عينات محلية ولا تعبر عن وضع عالمي
الأعراض المميزة وخطورة المتحور
يتميز متحور نيمبوس بأعراض واضحة تشمل التهابًا حادًا في الحلق، آلامًا عند البلع، تعبًا عامًا، سعالًا خفيفًا، حمى، آلامًا عضلية، احتقان الأنف، وأحيانًا اضطرابات في الجهاز الهضمي، ويؤكد الأطباء أن ألم الحلق الشديد والشعور بجروح وحرقة عند البلع من العلامات المميزة لهذا المتحور، إلى جانب احمرار الجزء الخلفي من الفم وتورم غدد الرقبة.
وعلى الرغم من تشابه الأعراض مع متحورات سابقة، إلا أن سرعة انتقال نيمبوس وقدرته على إصابة الخلايا البشرية بكفاءة أكبر تثير القلق، خاصة مع احتمالية تهربه من جهاز المناعة.
حسب تقارير وزارة الصحة والسكان بحكومة الانقلاب وأبحاث الفرق الطبية، يتسم متحور نيمبوس بأعراض متشابهة إلى حد ما مع متحورات كورونا السابقة، لكنه يظهر شدة متفاوتة في بعض الحالات، من بين الأعراض الرئيسية: ارتفاع الحرارة بشكل مستمر، سعال جاف شديد، آلام عضلية مزمنة، واحتقان في الحلق، كما لاحظ الأطباء ارتفاع معدل الإصابة بالتهاب الرئتين لدى المرضى، إضافة إلى فقدان حاد في حاستي الشم والتذوق.
أشارت الدكتورة منى عبدالعزيز، رئيسة قسم الأمراض المعدية في مستشفى الحميات بالقاهرة، في مؤتمر صحفي بتاريخ 25 مايو 2025، إلى أن أعراض نيمبوس "تتشابه مع متحور أوميكرون ولكنها تظهر أكثر شدة وتأثيرًا على الجهاز التنفسي"، كما حذرت من أن بعض الحالات قد تتطور سريعًا إلى حالات حرجة، خصوصًا بين كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
أكدت نقابة الأطباء في مصر، في بيان رسمي صدر يوم 28 مايو 2025، أن متحور نيمبوس يمثل تحديًا صحيًا جديدًا بسبب سرعة انتشاره، ودعت إلى تعزيز حملات التوعية والتطعيم.
قال الدكتور أحمد عبدالغني، نقيب الأطباء، "نحن أمام مرحلة حرجة، ويجب على الجميع الالتزام بالإجراءات الوقائية وعدم التهاون".
ومن جانب آخر، أوضح البروفيسور هشام مرسي، أستاذ الفيروسات بجامعة القاهرة، أن المتحور يحمل طفرات في البروتينات السطحية تجعله قادرًا على الالتفاف على بعض المناعات الناتجة عن اللقاحات السابقة أو العدوى السابقة، وأن ذلك يستوجب تطوير لقاحات محدثة لمواجهة هذا المتحور تحديدًا.
أثار انتشار المتحور الجديد حالة من القلق لدى صناع القرار في مصر، حيث شدد خبراء السياسات الصحية على أن نيمبوس نشط نسبيًا لكنه لا يمثل خطرًا عامًا حتى الآن، وأكدوا على أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية وتلقي الجرعات المعززة من اللقاحات، خاصة للفئات الأكثر عرضة.
موقف نقابة الأطباء وتحذيرات القطاع الصحي
أكدت نقابة الأطباء في مصر على أهمية اليقظة الطبية خلال الفترة الحالية، مع التشديد على ضرورة مراجعة المرضى الذين تظهر عليهم أعراض الحلق أو الحمى أو السعال، خاصة في ظل الزحام الشديد على العيادات الخارجية، وأوصت النقابة الأطباء بعدم الاكتفاء بوصف المسكنات والمضادات الحيوية، بل بضرورة متابعة الحالات عن كثب، خصوصًا بين الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات.، كما شددت على أهمية التوعية المجتمعية بضرورة تلقي اللقاحات واتباع إجراءات الوقاية الشخصية مثل ارتداء الكمامات وغسل اليدين والتهوية الجيدة للأماكن المغلقة.
التوقعات المستقبلية
تشير التوقعات إلى احتمال ارتفاع الإصابات بمتحور نيمبوس خلال فصل الصيف، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التجمعات الاجتماعية، ويؤكد الأطباء والعلماء على أهمية عدم التهاون، إذ أن مناعة السكان الناتجة عن التطعيم أو الإصابات السابقة قد تتراجع مع مرور الوقت، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة.
ورغم عدم وجود توصيات بفرض قيود على السفر أو التجارة حتى الآن، إلا أن الجهات الصحية تواصل مراقبة الوضع عن كثب، وتوصي بالحصول على اللقاحات المعتمدة والاستمرار في الالتزام بالإجراءات الوقائية.
ويبقى متحور نيمبوس تحت المراقبة الدقيقة من الجهات الصحية في مصر والعالم، وتظل الوقاية والوعي المجتمعي هما خط الدفاع الأول في مواجهة أي موجة محتملة من الإصابات.