قفزت أسعار لحوم الأضاحي في مصر هذا الموسم قفزات جنونية لا سقف لها، مسجلة ارتفاعات غير مسبوقة أدهشت المواطنين وأثقلت كاهلهم. ففي تطور مثير للدهشة، ارتفعت الأسعار بنسبة تُقدّر بـ15% خلال شهر واحد فقط مايو، لتستكمل مسيرة الصعود المتواصل منذ عام 2021، والذي بلغ ذروته في عام 2025 بمعدلات تراوحت بين 200% و229%!

تقرير صادم أصدرته الغرفة التجارية بالشرقية، كشف عن أن سعر الخروف المستورد "الجيليوسي" ارتفع من 52 جنيهًا للكيلو القائم عام 2021 إلى 160 جنيهًا في بداية 2025، بزيادة مذهلة بلغت 208%! أما الخروف البلدي "البرقي"، فبلغ سعره 180 جنيهًا بعدما كان يُباع بـ58 فقط، بنسبة زيادة 210%. الأكثر إثارة أن الخراف المستوردة من السودان ارتفعت من 70 جنيهًا إلى 230 جنيهًا للكيلو، بزيادة قياسية تصل إلى 229%.

ولا ينجو من هذا الجنون حتى الخروف الصغير، الذي تضاعف سعره ثلاث مرات من 50 إلى 150 جنيهًا للكيلو!

فهل بات لحم الأضاحي رفاهية لا يقدر عليها إلا القلة؟ وأين سيقف هذا المنحنى التصاعدي الذي يلتهم جيوب المصريين قبل أن يلامس موائدهم؟

 

أسباب ارتفاع الأسعار

في هذا السياق، أشار نائب رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية هيثم عبد الباسط، إلى ارتفاع جديد في أسعار الأضاحي بلغ 15% خلال الأسبوعين الماضيين، نتيجة ندرة العرض من الخرفان المحلية وارتفاع تكاليف التسمين والشحن على المنتجين.

وفي جولة ميدانية على مدار اليومين الماضيين بالأسواق الشعبية في محيط العاصمة، سجلنا زيادة في أسعار لحوم الأضاحي، ليصل متوسط سعر كيلو لحم الخروف إلى ما بين 215 و225 جنيهًا، ولحم الجاموس إلى 215 جنيهًا، واللحم البقري إلى ما بين 200 و210 جنيهات، عدا تكلفة الذبح والتشفية والنقل التي يتحملها العملاء بعد ذبح الأضاحي خلال أيام التشريق، وفقًا لـ"العربي الجديد،.

ويشير تقرير الغرف التجارية إلى أن موجة الارتفاع الحاد في أسعار اللحوم جاءت متزامنة مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية منذ عام 2022، إضافة إلى تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، وارتفاع أسعار الأعلاف، ومحدودية الأراضي المتاحة للرعي والإنتاج الحيواني، وتفاقم أزمات سلاسل الإمداد، خصوصًا في مسارات واردات اللحوم القادمة من أستراليا وجنوب آسيا والصومال والسودان.

وكانت أسعار الكيلو تتراوح بين 50 و70 جنيهًا، وتجاوزت في عام 2024 حاجز 120 جنيهًا، لتقفز إلى نحو 230 جنيهًا في المتوسط عام 2025. وأبدى خبراء الغرف التجارية مخاوفهم من أن تواجه الأسواق أزمة حقيقية في سوق اللحوم الحمراء في مصر، خاصة مع زيادة الطلب الشعبي في عيد الأضحى وارتفاع أسعار اللحوم البيضاء، داعين إلى توفير حلول عاجلة لاحتواء تأثير الأزمة على الأسر المصرية، لا سيما الفئات الأكثر تضررًا من ارتفاع الأسعار.

 

أزمة لم يخففها الاستيراد

بدورها، أعلنت وزارة الزراعة في بيان رسمي مؤخرًا، أن مصر تقترب من تحقيق 65% من الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء، مع توقعات ببلوغ هذه النسبة 80% بحلول عام 2030، في حال تنفيذ المبادرات الوطنية لدعم السوق المحلية، من خلال مشروع "البتلو" الذي يوفر التمويل لصغار المربين، وتقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وتحسين السلالات المحلية، وضخ كميات كبيرة من اللحوم الحية والمذبوحة في المنافذ الحكومية بأسعار مخفضة.

كما أشارت الوزارة إلى تقليص الاعتماد على الاستيراد بشكل نسبي في الأشهر الأخيرة، بفضل التوسع في الإنتاج المحلي، إلى جانب ما تستورده الشركات المحلية من السودان والبرازيل والهند لتغطية النقص في الأسواق وضبط الأسعار خلال عيد الأضحى.

وأعلنت حكومة السيسي التزامها باستيراد 25 ألف رأس ماشية حية من السودان و10 آلاف طن لحوم مجمدة لضخها في الأسواق على مدار الأسبوع الجاري، لتباع بأسعار أقل من السوق الحر، حيث يتراوح سعر الكيلو للحوم الطازجة البلدية ما بين 280 و380 جنيهًا، والمستوردة ما بين 160 و200 جنيه، فيما يصل سعر العجل القائم إلى 25 ألف جنيه، وسعر الخروف إلى ما بين 6 آلاف و9 آلاف جنيه، بما يقل عن السوق الحر بنحو 25%.

 

ضعف الإنتاج المحلي

من جانب ثانٍ، أكد نائب رئيس شعبة القصابين بالقاهرة هيثم عبد الباسط، أن الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء لا يغطي سوى 40% من حجم الاستهلاك، ما يضطر الدولة إلى استيراد نحو 60% من احتياجاتها من اللحوم. وأشار إلى أن متوسط سعر بيع اللحم الكندوز البلدي لدى الجزارين بالمناطق الشعبية يتراوح بين 400 و450 جنيهًا للكيلو، في حين تتراوح أسعار اللحوم المستوردة بين 350 و400 جنيه للكيلو، مؤكدًا أن اللحوم المستوردة من السودان وجيبوتي أسهمت في خفض متوسط سعر كيلو اللحم لدى الموزعين إلى ما بين 350 و400 جنيه لكيلو اللحم الطازج.

وتجدر الإشارة إلى أن بيع معدات ذبح الأضاحي في الأسواق شهد زيادة في أسعار "السكاكين" و"السواطير" المستخدمة في تجهيز الأضاحي، حيث تراوح سعر السكين الحديد اليدوي بين 400 و600 جنيه، والساطور بين 500 و800 جنيه، و"المشارط" بين 250 و350 جنيهًا.