رغم تصريحات نظام الانقلاب المصري المتكررة حول "النهضة الشاملة في البنية التحتية"، كشفت العاصفة المفاجئة التي ضربت مدينة الإسكندرية ليل السبت 31 مايو 2025، هشاشة هذه المزاعم، فقد غرقت شوارع المدينة الساحلية، وتعطلت الحركة المرورية، وتضررت منشآت عامة وخاصة، بينها خيمة نادي سموحة، ما يعكس خللًا هيكليًا في منظومة التصريف ومقاومة التغيرات المناخية.

فالعاصفة التي ضربت مدينة الإسكندرية الليلة عاصفة غير مسبوقة شملت أمطارًا رعدية غزيرة ورياحًا شديدة تجاوزت سرعتها 50 كيلومترًا في الساعة، بالإضافة إلى تساقط كرات من الثلج والبرد، ما أدى إلى حالة طوارئ في المدينة.

وصف البعض هذه الظاهرة بأنها أشبه بإعصار من الدرجة الأولى، حيث هطلت كميات أمطار تاريخية في وقت قياسي لا يتجاوز 15 دقيقة، مما تسبب في غرق الشوارع، انهيار أجزاء من عقارات، سقوط أعمدة إنارة، وتحطم سيارات، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي في عدة أحياء.

ذكرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية أنها أصدرت تحذيرات قبل 72 ساعة من حدوث العاصفة، وتم التنسيق مع المحافظات المعنية لتفعيل غرف الأزمات والاستعداد لمواجهة تداعيات الطقس السيئ.

محافظ الإسكندرية أحمد خالد حسن أصدر تعليمات برفع درجة الاستعداد في جميع الأجهزة التنفيذية، مع تكثيف العمل على تصريف مياه الأمطار ورفع السيارات المتضررة، وتأجيل امتحانات الشهادة الإعدادية لمدة ساعة حرصًا على سلامة الطلاب.

يأتي ذلك في الوقت الذي صرّح فيه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي في يوليو 2022 بأن حكومته أنفقت "أكثر من 6 تريليونات جنيه على البنية الأساسية"، منها مليارات على "شبكات الطرق والصرف ومشروعات الحماية من السيول".

غير أن الواقع لا يعكس هذه الأرقام، فالإسكندرية، المدينة الثانية في مصر، ما زالت عاجزة عن مقاومة نوة شتوية أو عاصفة رعدية دون أن تشهد غرقًا جزئيًا أو توقفًا تامًا للحياة.

ويُثير هذا التناقض تساؤلات كبيرة حول أولوية الإنفاق، خاصة أن تلك المليارات وُجه أغلبها إلى العاصمة الإدارية الجديدة و"محور المجتمعات الذكية"، بينما تُركت المدن التاريخية مثل الإسكندرية تعاني من بنية تصريف متهالكة، ومشروعات تطوير مؤجلة أو منفذة بشكل غير فعّال.

ويؤكد اقتصاديون معارضون، مثل الدكتور عبد الخالق فاروق، أن "جزءًا كبيرًا من الإنفاق المعلن ليس سوى استعراض رقمي لا ينعكس على حياة المواطن أو على جاهزية الدولة لأي أزمة طارئة".

العاصفة أثارت حالة من الرعب بين السكان، حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي لقطات تظهر البرق المتكرر، الأمطار الغزيرة، والبرد الكثيف، بالإضافة إلى أضرار مادية في الأماكن العامة والمركبات، ورغم الأضرار، لم تسجل وزارة الصحة أي إصابات بشرية حتى الآن.

ومن أبرز الأضرار التي خلفتها العاصفة، انهيار جزئي بخيمة نادي سموحة الرمضانية، حيث تسببت الرياح العاتية في تمزق أجزاء من الخيمة، مما أدى إلى إلغاء الفعاليات المقررة في تلك الليلة، كما أُبلغ عن انقطاع التيار الكهربائي في بعض الأحياء لفترات قصيرة، دون تسجيل إصابات بشرية خطيرة.

تأتي هذه العاصفة في ظل تغيرات مناخية تؤثر على منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث تتعرض الإسكندرية لتأثيرات متزايدة مثل تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يزيد من مخاطر الفيضانات والعواصف المستقبلية.

وتشير التقديرات إلى أن ارتفاع منسوب مياه البحر قد يؤدي إلى غرق 30% من المدينة ونزوح جزء كبير من سكانها خلال العقود القادمة، ما يجعل من الضروري اتخاذ إجراءات وقائية مثل بناء حواجز الأمواج الضخمة على الساحل

باختصار، عاصفة الإسكندرية الأخيرة كانت ظاهرة جوية شديدة القوة وغير معتادة في هذا الوقت من العام، وأدت إلى أضرار مادية كبيرة وحالة طوارئ، مع استجابة سريعة من الجهات المعنية للتعامل مع تداعياتها وضمان سلامة المواطنين.