أعلنت نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة رفضها القاطع لمشروع التعديل الحكومي المقترح، والذي ينص على إنهاء العلاقة الإيجارية خلال خمس سنوات وزيادة القيمة الإيجارية بنسبة 15% سنويًا بعد رفع الحد الأدنى إلى ألف جنيه شهريًا في المدن و500 جنيه في القرى.

وخلال اجتماع لجنة الإسكان بمجلس النواب الاثنين الماضي، عبّر عدد من النقباء عن قلقهم من تداعيات القانون المقترح، واصفين إياه بـ"غير العادل" و"المنفصل عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد"، كما حذروا من آثاره الكارثية على النسيج المجتمعي، وعلى رأسه قطاع الرعاية الصحية.
 

"رسالة موت" للمستأجرين
   قال نقيب المهندسين طارق النبراوي، إنّ مشروع القانون في صورته الحالية ينطوي على مخاطر جسيمة، خصوصًا أن المحكمة الدستورية العليا لم تتطرق لمسألة الإخلاء في حكمها الصادر في نوفمبر الماضي بشأن الإيجارات القديمة.

واعتبر النبراوي أن إخلاء المستأجرين خلال خمس سنوات "رسالة موت"، لاسيما في ظل عجز الدولة عن توفير بدائل سكنية مناسبة، وتركيزها على الإسكان الفاخر والمتوسط دون طرح كافٍ لوحدات الإسكان الاجتماعي.

وأضاف: "الزيادة في الأجرة يجب أن تُراعى واقع السوق المصري، إذ لا يمكن فرض حد أدنى موحد على الجميع. فالألف جنيه قد تُطبّق في أحياء راقية بالقاهرة أو الإسكندرية، لكنها غير واقعية في المناطق الشعبية والريفية".
 

العيادات والصيدليات.. الأمن الصحي مهدد
   من جانبه، وصف نقيب الأطباء الدكتور أسامة عبد الحي، مشروع القانون بـ"القنبلة المجتمعية"، محذرًا من تبعاته على الأمن الصحي في البلاد، وأكد أن العيادات والمراكز الطبية والصيدليات الخاضعة لأحكام الإيجار القديم ليست مشمولة بحكم المحكمة الدستورية، لأنها خضعت مسبقًا لتعديلات في 1997 تضمنت زيادات سنوية بنسبة 10%، وهي كافية من وجهة نظره.

وقال عبد الحي: "إنهاء عقود الإيجار بهذه الصورة تهديد مباشر لاستقرار الخدمات الصحية، كما أن الأطباء دفعوا مبالغ ضخمة فيما يعرف بالخلو، ويصعب عليهم بدء مشاريعهم من الصفر مجددًا".

في السياق ذاته، حذرت فاتن عبد العزيز، ممثلة نقابة الصيادلة، من أن نحو 10,300 صيدلية مستأجرة قد تواجه خطر الإغلاق، موضحة أن نقل الصيدلية يؤدي إلى فقدان الترخيص بحسب القانون، ما يعني خروج 12% من الصيدليات من الخدمة.

وشددت عبد العزيز على أن "الصيدليات ليست مشاريع ربحية فقط، بل جزء أساسي من منظومة الطوارئ الصحية في البلاد"، معتبرة أن تمرير القانون يعني "ضربة موجعة للقطاع الصحي بالكامل".
 

البرلمان يتعهد بـ"توازن تشريعي"
   من جانبه، تعهد رئيس لجنة الإسكان النائب محمد عطية الفيومي بأن يصدر القانون بصيغة متوازنة تراعي مصالح جميع الأطراف، مؤكدًا حرص اللجنة على الاستماع لكافة وجهات النظر.

ويأتي هذا في وقت تشير فيه بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد الوحدات الخاضعة لقانون الإيجارات القديمة يبلغ أكثر من 3 ملايين وحدة، منها نحو 1.88 مليون وحدة سكنية، و575 ألف وحدة غير سكنية.

وتُظهر الإحصاءات أن محافظة القاهرة وحدها تضم أكثر من مليون وحدة خاضعة لهذا النظام، تليها الجيزة والإسكندرية، ما يجعل أي تعديل في القانون مؤثرًا على ملايين الأسر والمشاريع الصغيرة والأنشطة المهنية.