أعلنت وزارة الثقافة إغلاق 123 بيتًا ومكتبة ثقافية في مختلف المحافظات، ضمن خطة قالت إنها تهدف إلى "إعادة الهيكلة"، الأمر الذي فجّر موجة غضب عارمة في أوساط المثقفين والفنانين، وفتح الباب أمام نقاش واسع حول مستقبل "الثقافة الجماهيرية" في البلاد.
القرار الصادم
الوزارة قالت إن هذه الخطوة تأتي في إطار خطة لإعادة توزيع العاملين وتقييم أداء المنشآت الثقافية، لافتة إلى أن غالبية البيوت والمكتبات المزمع إغلاقها إما غير فعالة أو تقع تحت مظلة إيجارات قديمة يصعب تمديدها أو تطويرها.
وبرر وزير الثقافة، أحمد فؤاد هنو، القرار قائلاً إن "بعض هذه المنشآت لم تؤدّ الدور المرجو منها، وتكلف الدولة أعباء مالية دون مردود"، مضيفًا أن "اللجنة المكلفة بدراسة وضع هذه المراكز توصلت إلى أن تطويرها يحتاج إلى موارد ضخمة من المال والوقت، لا تتوافر حاليًا في ظل التحديات المالية والتشغيلية".
وأوضح هنو أن هذه البيوت سيتم إخلاؤها خلال عامين، وأن عملية الإغلاق ستتم وفق جدول زمني يراعي الظروف المحلية والحقوق القانونية.
الهيئة العامة لقصور الثقافة.. ذاكرة مهددة
تعود هذه البيوت إلى "الهيئة العامة لقصور الثقافة"، التي تأسست عام 1945 تحت اسم "الجامعة الشعبية"، قبل أن تتحول لاحقًا إلى "الثقافة الجماهيرية".
وكان الهدف منها هو رفع الوعي الثقافي لدى المواطنين في المحافظات والمناطق النائية، وتشجيع الإبداع المحلي، وفتح نوافذ للتعليم المستمر غير الرسمي.
لكن قرار الإغلاق يهدد هذا التاريخ، ويثير المخاوف من انكماش الدور التنويري الذي لعبته هذه البيوت لعقود، خاصة في القرى والمراكز التي تفتقر إلى أي بنية ثقافية بديلة.
غضب واستنكار في الأوساط الثقافية
القرار لم يمرّ مرور الكرام. فقد أصدر عدد من المثقفين والكتاب وأعضاء نوادي المسرح بيانًا مشتركًا عبّروا فيه عن رفضهم القاطع للقرار، واعتبروه "تفريغًا للدولة من دورها الثقافي، وانتهاكًا للدستور، وتحديدًا المادة 48 التي تنص على أن الثقافة حق مكفول لجميع المواطنين".
ووصف البيان القرار بأنه "نكسة ثقافية" تضرب في العمق الجهود المبذولة لنشر الوعي ومكافحة التطرف، وتُقصي الطبقات الفقيرة عن الوصول للثقافة.
أصوات برلمانية تنتقد وتطالب بالمراجعة
من جهتها، قالت الكاتبة وعضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، ضحى عاصي، إن "الإغلاق غير مبرر قانونيًا ولا منطقيًا"، مشيرة إلى أن البيوت التي انتهت عقود إيجارها بعد عامين لا يجوز إغلاقها الآن قبل استنفاد المدة القانونية.
وأضافت أن بعض هذه المنشآت مستأجرة من جهات حكومية أصلاً، وبالتالي من الممكن تسوية أوضاعها بالتنسيق بين وزارة الثقافة والجهات المالكة، سواء كانت وزارة الأوقاف أو الزراعة أو غيرها، دون اللجوء إلى الإغلاق.