أعربت الصين عن "قلق بالغ" إزاء إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق مشروع دفاعي جديد أطلق عليه اسم "القبة الذهبية"، محذّرة من أن هذه المبادرة قد تقوض الاستقرار العالمي وتفتح الباب على مصراعيه أمام عسكرة الفضاء الخارجي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، في مؤتمر صحفي عقدته اليوم الأربعاء في بكين، إن المشروع الجديد "يحمل تداعيات هجومية قوية"، ويزيد من مخاطر إشعال سباق تسلح جديد، ولكن هذه المرة خارج الغلاف الجوي للأرض.

وأضافت ماو: "في سعيها وراء سياسة الأمن المطلق، تتجاهل الولايات المتحدة مبدأ الأمن الجماعي، وتضع استقرار العالم على المحك"، معتبرة أن تصميم ونشر منظومة صاروخية عالمية كهذه "يهدد التوازن الاستراتيجي ويقوّض المعاهدات الدولية المتعلقة بالاستخدام السلمي للفضاء".

ودعت المتحدثة واشنطن إلى "التخلي عن تطوير ونشر منظومة القبة الذهبية في أقرب وقت ممكن"، محذّرة من أن مواصلة المشروع "ستضع العالم أمام تحديات غير مسبوقة في إدارة التوترات الجيوسياسية والعسكرية".
 

ما هي "القبة الذهبية"؟

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن، أمس الثلاثاء، عن الشروع في تنفيذ منظومة جديدة للدفاع الصاروخي تحمل اسم "القبة الذهبية"، وهي مشروع طموح يتضمن إطلاق صواريخ اعتراضية من الفضاء الخارجي لاعتراض أي تهديدات محتملة على الأراضي الأمريكية، سواء من الصين أو روسيا أو دول أخرى.

ووصف ترامب المشروع بأنه "درع لا يُخترق" ضد الهجمات الصاروخية، مشيرًا إلى أن النظام الجديد سيكون جاهزًا خلال ما بين عامين ونصف إلى ثلاثة أعوام، مؤكدًا أن واشنطن "لن تنتظر أن تُفاجأ بضربة أولى، بل ستكون قادرة على منعها تمامًا".
 

عودة "حرب النجوم"

يعيد هذا المشروع إلى الأذهان برنامج "مبادرة الدفاع الاستراتيجي" (Strategic Defense Initiative) الذي أطلقه الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان في الثمانينات، والمعروف إعلاميًا باسم "حرب النجوم"، والذي هدف حينها إلى بناء درع صاروخي فضائي ضد الاتحاد السوفييتي.

ورغم أن مشروع ريغان لم ير النور بشكل كامل، إلا أنه ساهم في تأجيج سباق التسلح، واعتُبر واحدًا من العوامل التي ضغطت على الاقتصاد السوفييتي آنذاك.

اليوم، يبدو أن ترامب يبعث برسالة سياسية واضحة: أمريكا لن تسمح بأن تتفوق عليها قوى كبرى مثل الصين أو روسيا في مجال تقنيات الفضاء والدفاع الصاروخي، حتى وإن أدى ذلك إلى زعزعة النظام الدولي القائم منذ عقود على الاتفاقات الدولية الخاصة بالاستخدام السلمي للفضاء.
 

ردود فعل دولية مرتقبة

من المتوقع أن تثير تصريحات ترامب ورد الفعل الصيني المتشدد سلسلة من الردود في عواصم عدة، أبرزها موسكو التي لم تعلّق حتى الآن رسميًا، لكنها كانت دومًا من أشد المعارضين لتحويل الفضاء إلى ميدان للصراع العسكري.

ويرجح مراقبون أن يؤدي المشروع الأمريكي إلى سلسلة من الإجراءات المضادة، سواء من حيث تطوير تقنيات هجومية مضادة، أو تسريع سباق الأقمار الصناعية العسكرية، ما قد يشعل فصلاً جديدًا من التوترات الدولية في وقت يشهد فيه العالم بالفعل أزمات محتدمة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.