من المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من الهدنة بين إسرائيل وحماس، التي أوقفت 15 شهرًا من الحرب العنيفة، يوم السبت، وسط حالة من الغموض حول ما سيحدث بعد ذلك. كان من المفترض أن تبدأ المفاوضات حول المرحلة الثانية منذ أسابيع، والتي تتضمن إطلاق جميع الرهائن المتبقين لدى حماس مقابل مزيد من الأسرى الفلسطينيين، ووقف إطلاق نار دائم، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة. ولكن حتى الآن، لم تبدأ هذه المفاوضات رسميًا، وتم استبدالها بمحادثات تمهيدية فقط، في ظل اضطرابات وخلافات مستمرة بين الطرفين.
المرحلة الأولى: خلافات وتعقيدات
أطلقت حماس جميع الرهائن الـ25 الذين كانوا مشمولين في المرحلة الأولى، بالإضافة إلى تسليم جثث أربعة آخرين، ومن المتوقع أن تسلم أربع جثث إضافية. ومع ذلك، لا يزال لديها أكثر من 60 رهينة، نصفهم على الأقل يُعتقد أنهم لقوا حتفهم. في المقابل، أخرت إسرائيل الإفراج عن نحو 600 أسير فلسطيني بسبب غضبها من طريقة معاملة الرهائن المحررين، الذين ظهروا وهم يُجبرون على التفاعل مع الجماهير بشكل مسرحي، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".
تسعى إسرائيل إلى تمديد المرحلة الأولى لتأمين إطلاق المزيد من الرهائن، لكن حماس ترفض التفاوض حتى يتم الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين تم تعليق إطلاق سراحهم. من ناحية أخرى، تصر مصر، التي تلعب دور الوسيط الرئيسي، على أن أي تمديد للمرحلة الأولى يجب أن يكون مرتبطًا ببدء مفاوضات المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية: اختبار حاسم للمفاوضات
تمثل المرحلة الثانية أكبر تحدٍّ للمفاوضات، حيث ستكون إسرائيل أمام خيار صعب بين تحقيق هدفها بإعادة جميع الرهائن المتبقين، أو الاستمرار في هدفها العسكري المتمثل في القضاء على حماس. لا يزال التنظيم، رغم ضعفه، يسيطر على غزة دون أي تحديات داخلية. وفي مقابل إطلاق سراح الرهائن الباقين، تطالب حماس بوقف إطلاق نار دائم وانسحاب إسرائيلي كامل.
تشير التقارير إلى أن إطلاق مفاوضات المرحلة الثانية قد يؤدي تلقائيًا إلى استمرار وقف إطلاق النار وإدخال المزيد من المساعدات إلى غزة، حتى لو لم يحدث إطلاق رهائن جديد في الوقت الحالي. لكن التوترات الأخيرة، مثل تأخير إسرائيل للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، زادت من تعقيد الوضع.
خلافات حول الانسحاب من غزة
واحدة من القضايا الرئيسية العالقة تتعلق بالانسحاب الإسرائيلي من ممر "فيلادلفيا"، المنطقة الحدودية بين غزة ومصر، والتي من المقرر أن تبدأ إسرائيل بالانسحاب منها هذا الأسبوع، مع استكمال العملية خلال ثمانية أيام. مصر ترفض التقدم في المفاوضات حتى يتم تنفيذ هذا الانسحاب.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطًا متزايدة من شركائه في الائتلاف الحاكم لاستئناف القتال ضد حماس. لكن بالمقابل، هناك ضغط داخلي هائل لإعادة جميع الرهائن، خاصة بعد ظهور صورهم في ظروف صحية متدهورة عقب إطلاق سراحهم.
تطورات ميدانية وتصعيد في الضفة الغربية
زاد الوضع تعقيدًا بعد عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية، أدت إلى نزوح حوالي 40 ألف فلسطيني. بينما تقول إسرائيل إن هذه العمليات تستهدف المسلحين الذين يشكلون تهديدًا، يرى الفلسطينيون أنها جزء من سياسة إسرائيلية أوسع لتعزيز سيطرتها على الأراضي المحتلة.
حماس من جهتها، تتهم إسرائيل بانتهاك الهدنة عبر قتل عشرات الفلسطينيين خلال الفترة الأخيرة، ومنع إدخال بعض المعدات والمساعدات الإنسانية إلى غزة.
مواقف متباينة من الولايات المتحدة
الرئيس الأميركي دونالد ترامب أشار إلى أن له دورًا في تحقيق الهدنة، لكنه أرسل إشارات متناقضة حول موقفه من الاتفاق. فقد حدد في وقت سابق موعدًا نهائيًا لحماس لإطلاق جميع الرهائن، محذرًا من "عواقب وخيمة" إذا لم يتم ذلك، لكنه تراجع لاحقًا، قائلًا إن القرار النهائي يعود لإسرائيل.
كما أثار ترامب الجدل باقتراحه نقل سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة إلى دول أخرى، مع اقتراح أن تتولى الولايات المتحدة تطوير القطاع. رحّب نتنياهو بالفكرة، لكنها قوبلت برفض واسع من الفلسطينيين والدول العربية، ووصفتها منظمات حقوقية بأنها قد تنتهك القانون الدولي.
مرحلة حاسمة قادمة
تتجه الأمور إلى مرحلة حاسمة، حيث ستحدد الأيام المقبلة ما إذا كانت الهدنة ستستمر أم ستنهار، مما قد يعيد إشعال القتال في غزة. مع استمرار تعقيدات المرحلة الأولى وعدم وضوح مستقبل المرحلة الثانية، يبقى السؤال الأهم: هل ستصمد الهدنة، أم أن التصعيد العسكري سيعود من جديد؟