قال رئيس حكومة الانقلاب، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، إن مصر تعتزم طرح 3 أو 4 شركات تابعة للقوات المسلحة في البورصة، وأضاف أنه سيعلن خطة الطروحات خلال الأسبوع المقبل.
يأتي ذلك، بعد أن اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي مناقشاتها مع حكومة السيسي خلال الشهر الماضي، وقالت في ختامها إنها أحرزت تقدمًا كبيرًا في مناقشة السياسات لاستكمال المراجعة الرابعة في إطار تسهيل الصندوق الممدد (برنامج إقراض مصر).
والمراجعة، التي قد تمنح تمويلاً بأكثر من 1.2 مليار دولار، هي الرابعة في برنامج قرض الصندوق البالغ 46 شهرًا والذي جرت الموافقة عليه في 2022 وتمت زيادته إلى 8 مليارات دولار هذا العام بعد أزمة اقتصادية شهدت ارتفاع التضخم ونقصًا حادًا في العملة الصعبة.
وقال الصندوق إن مصر "نفذت الإصلاحات الرئيسة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي" بما في ذلك توحيد سعر الصرف الذي سهّل الاستيراد في ظل تعهد البنك المركزي المصري المتكرر بالحفاظ على نظام مرن للصرف.
وأضاف الصندوق، في بيان سابق، "المناقشات ستستمر خلال الأيام المقبلة لاستكمال الاتفاق على السياسات والإصلاحات المتبقية التي قد تدعم استكمال المراجعة الرابعة".
ويعد مطلب الحد من دور الدولة في الاقتصاد أساسيًا لصندوق النقد الدولي وفق البرنامج الذي وافق على أساسه إقراض مصر 3 مليارات دولار في 2022 قبل زيادة المبلغ إلى 8 مليارات دولار في مارس الماضي.
واعتبر قائد الانقلاب السيسي، خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية، أن مصر نفذت برنامجًا للإصلاح الاقتصادي منذ عام 2016، نجحت فيه بجهدها وقت استقرار الأوضاع الإقليمية والدولية.
لكنه توجه برسالة إلى المؤسسات الدولية المعنية، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشيرًا إلى أن البرنامج الحالي يطبق في ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة الصعوبة، لها تأثيرات سلبية للغاية على العالم كله، وهناك ركود اقتصادي محتمل في السنوات المقبلة.
وأشار إلى أن مصر جزء من اقتصاد العالم، وبرنامجها يجب أن يضع في الاعتبار التحديات، وأضاف: "فقدنا 6 إلى 7 مليارات دولار خلال الـ10 أشهر الماضية، والأمر ده يحتمل استمراره لعام مقبل نتيجة التداعيات (...) فلو التحدي هيخلينا (سيجعلنا) نضغط على الرأي العام بشكل لا يتحمله الناس، لابد من مراجعة الموقف.. لا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي".
ورفعت حكومة السيسي، في أكتوبر، للمرة الثالثة هذا العام، أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود، وذلك قبل أربعة أيام من إجراء صندوق النقد الدولي مراجعة ثالثة لبرنامج قروض موسع للبلاد بقيمة 8 مليارات دولار.
وقبل ذلك بأيام، أعلنت مصر على لسان رئيس حكومة الانقلاب، أنها قد تلجأ إلى "اقتصاد الحرب"، مما أثار تساؤلات بشأن التحديات التي تواجه البلاد، وسبل مواجهتها.
بطء من الحكومة أم مراوغة؟
كانت حكومة السيسي قد وعدت منذ 6 سنوات وتحديدًا عام 2018 بطرح شركات تابعة للدولة في البورصة إلا أنها لم تحقق أيًا منها إلا في أضيق الحدود، في خطوة وصفها خبراء ومحللون اقتصاد بأنها محاولة لكسب الوقت والرهان على تحقيق نجاح اقتصادي لتفادي القيام بتلك الخطوة، ولكن يبدو أن الحكومة لم تنجح في رهانها حتى الآن.
فقبل أكثر من 6 سنوات، أعلنت الرئاسة في يناير 2016 أن الحكومة ستطرح حصصًا في الشركات والبنوك الحكومية الناجحة في البورصة خلال الفترة المقبلة.
وفي مارس 2017، وافقت وزارة البترول على طرح ما يصل إلى 24% من أسهم "إنبي"، وهي الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية، إحدى شركات قطاع البترول الكبرى.
وفي مارس 2018، قال وزير المالية إن بلاده تستهدف طرح حصص في ما بين 4 و6 شركات حكومية بالبورصة خلال 2018، لجمع 12 إلى 15 مليار جنيه (679-848 مليون دولار حينها).
وفي سبتمبر 2022، قالت وزارة التخطيط إن الحكومة ستعلن خلال 4 أسابيع هوية الشركات المملوكة للدولة التي ستطرحها أمام الصناديق السيادية العربية والأجنبية ضمن الشريحة الأولى من حصص الأسهم الإستراتيجية التي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 6 مليارات دولار.
وفي تقرير لمركز كارنيجي للشرق الأوسط، دفع توسُّع الامتداد الاقتصادي للقوات المسلحة بصندوق النقد الدولي إلى التحذير في سبتمبر 2017 من أن "تدخّل الكيانات التابعة لوزارة الدفاع قد يتسبب بتعطيل" استحداث الوظائف وتطوير القطاع الخاص.
تضارب الأرقام والأزمان
عام 2018، كشفت حكومة السيسي، لأول مرة، عن عزمها طرح حصص في 23 شركة في إطار برنامج لجمع 80 مليار جنيه خلال 24 إلى 30 شهرًا من أجل توسيع قاعدة الملكية وزيادة رأس المال السوقي للبورصة وزيادة قيمة وحجم التداول اليومي.
وحسب مواقع صحفية محلية وبيانات حكومية، فإن كل ما تم تنفيذه كان طرح حصة صغيرة من شركة الشرقية للدخان عام 2019، ثم طرح شركة "آي فينانس" المتخصصة في التكنولوجيا المالية في الربع الأخير من العام الماضي فقط.
ورغم عدم تقيد الحكومة بما أعلنته حول العدد والمدة الزمنية للشركات التي تعتزم التخلي عن حصص بها، فإن التصريحات الأخيرة تشير إلى تراجع هذا العدد كثيرًا، مما يثير تساؤلات حول طبيعة تلك الأرقام المتناقضة والمتضاربة.
ومن 23 شركة كان يفترض طرح حصص بها، كشف رئيس وزراء السيسي عن أنه سيتم طرح عدد من الشركات التابعة للقطاع العام في البورصة، منهم 10 شركات قطاع عام وشركتان للقوات المسلحة ضمن جهود الدولة لإتاحة أصول مملوكة للدولة بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص أو الأجنبي لمدة 4 سنوات.
وتستهدف الحكومة رفع مشاركة القطاع الخاص بنسبة 65% حتى سنة 2025 بدلاً من 30% حاليًا، ضمن خطة الحكومة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، التي وصفها مدبولي بأنها "الأسوأ" منذ 100 عام.
وهناك 60 شركة تابعة للجيش تعمل في 19 صناعة، من إجمالي 24 مدرجة على جدول تصنيف الصناعات، حسب تقديرات البنك الدولي.
ويسيطر جهاز مشروعات الخدمة الوطنية -التابع للمؤسسة العسكرية- على 32 شركة، تم إنشاء ثلثها بعد عام 2015، حسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز” (Financial Times).
ويملك الجيش 51% من أصول شركة تتولى تطوير العاصمة الإدارية الجديدة -تقع على بعد 60 كيلومترًا شرقي القاهرة- التي تقدر استثماراتها بنحو 45 مليار دولار.
وصرح مدبولي بأن حجم اقتصاد الجيش لا يزيد على 1% من الاقتصاد الكلي، بينما أكد قائد الانقلاب أن القوات المسلحة لا تعمل بأكثر من 3% من الناتج القومي.