تعيش الحكومة الإيرانية حالة من التوتر المتزايد إثر التهديدات الإسرائيلية بالانتقام على خلفية الهجوم الصاروخي الأخير الذي شنته طهران ضد الاحتلال الإسرائيلي، والذي استهدف مواقع متعددة بأكثر من 200 صاروخ باليستي. وجاء هذا التصعيد الإيراني رداً على سلسلة من الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل، بما في ذلك اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والقائد بالحرس الثوري عباس نيلفروشان في غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت أواخر سبتمبر الماضي.

وبحسب تقرير نشرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، فإن القلق الإيراني ينبع من مخاوف متزايدة بشأن عدم قدرة الولايات المتحدة على إقناع إسرائيل بالامتناع عن شن ضربات على المواقع النووية والمنشآت النفطية الإيرانية. وأوضحت مصادر مطلعة أن طهران تحاول جاهدة تقليص حجم الرد الإسرائيلي عبر اللجوء إلى دول إقليمية في الشرق الأوسط للتوسط والحد من التصعيد.

ردود أفعال دولية وتحركات دبلوماسية
في الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، تجري الولايات المتحدة مشاورات مكثفة مع الحكومة الإسرائيلية حول كيفية الرد على الهجوم الإيراني. ووفقاً لتقرير "سي إن إن"، فإن واشنطن أعربت عن قلقها من استهداف إسرائيل لمواقع نووية أو منشآت نفطية في إيران، خشية أن يؤدي ذلك إلى نشوب حرب إقليمية واسعة النطاق.

وعلى الجانب الآخر، يواصل الجيش الإسرائيلي استعداده لتنفيذ هجوم "كبير" ضد إيران، وهو ما أكدته مصادر إسرائيلية في تصريحاتها حول نية توجيه ضربة انتقامية رداً على الهجوم الصاروخي الأخير. وفي الوقت نفسه، شددت إيران على أنها سترد بقوة أكبر إذا ما أقدمت إسرائيل على تنفيذ أي هجوم عسكري انتقامي، مما يزيد من احتمالات التصعيد المستمر في المنطقة.

مخاوف من حرب إقليمية
الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أول اتصال هاتفي له منذ شهرين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حث على ضرورة أن يكون الرد الإسرائيلي "متناسباً"، معرباً عن مخاوف واشنطن من أن يؤدي التصعيد الحالي إلى نشوب حرب إقليمية قد تجر الولايات المتحدة إلى دائرة الصراع. وكانت إدارة بايدن قد أبدت استعدادها لتقبل ضربة إسرائيلية ضد إيران، لكنها حذرت من استهداف أهداف معينة قد تثير ردود فعل واسعة النطاق وتجعل الوضع في الشرق الأوسط أكثر تعقيداً.

وفي هذا السياق، أشار موقع "أكسيوس" إلى أن الإدارة الأمريكية ترى في استهداف المواقع النووية أو حقول النفط الإيرانية خطراً يهدد استقرار المنطقة بأكملها، خاصة في ظل التحذيرات من تداعيات اقتصادية وبيئية كبيرة إذا ما استهدفت المنشآت النفطية.

موقف دول الخليج
في خضم هذه التوترات، أعربت عدة دول خليجية، بما في ذلك الإمارات وقطر والبحرين، عن قلقها من احتمالية تعرض المنشآت النفطية الإيرانية لهجمات عسكرية، حيث نقلت "سي إن إن" عن دبلوماسي عربي قوله إن هذه الدول أعربت للولايات المتحدة عن خشيتها من أن تؤدي أي ضربات إلى آثار اقتصادية سلبية وبيئية خطيرة على المنطقة. وأكد الدبلوماسي أن دول الخليج تسعى إلى البقاء على الهامش في هذا الصراع الدائر بين إيران وإسرائيل، محذرة من التداعيات الخطيرة لأي تصعيد عسكري.

كما أبدت كل من السعودية والإمارات وقطر موقفاً موحداً بعدم السماح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي لضرب إيران، مما يضفي تعقيداً أكبر على الحسابات العسكرية والسياسية في هذا النزاع. في المقابل، حذرت إيران دول الخليج من السماح باستخدام قواعدها أو أجوائها في أي هجوم إسرائيلي ضدها، مهددة بأنها ستتعامل مع أي خطوة من هذا القبيل على أنها عمل عدائي من جانب المجموعة بأكملها، وسترد بقوة على أي تحرك من هذا النوع.

مستقبل الصراع
مع استمرار التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، والتوترات بين الأطراف الدولية المعنية، يبقى مستقبل الصراع الإيراني-الإسرائيلي غير واضح. ومع ذلك، تشير المؤشرات الحالية إلى أن الجهود الدبلوماسية المستمرة قد تلعب دوراً حاسماً في تحديد مدى تصعيد هذا النزاع وتأثيره على المنطقة والعالم.