أثبتت أبحاث طبية بريطانية عملياً إمكانية استعادة جزء كبير من قدرات من فقدوا أبصارهم كلياً أو جزئياً لأسباب وراثية، من خلال تقنية حديثة تعتمد بشكل أساسي على العلاج الجيني بحقن فيروس معين أسفل شبكية العين.
وقال خبراء وباحثون مختصون إنه من المتوقع لهذه النتائج أن تمهد الطريق أمام الاستفادة من تلك التقنية في معالجة مزيد من أشكال العمى الناجم عن عوامل جينية، أو حتى بعض حالات العمى التي قد تنشأ عن تدهور خلايا مشيمية العين وشبكيتها بسبب مضاعفات أمراض متنوعة من بينها السكرى.
وتعد هذة النتائج المبشرة هي ثمرة أبحاث عكف باحثون في مستشفى جون رادكليف، التابع لجامعة أوكسفورد البريطانية، على إجرائها على مدار السنوات القليلة الماضية سعياً إلى اكتشاف علاج لمرض وراثي يعرف باسم «تنكُّس مشيمية العين»، وهو مرض تبدأ أعراضه في الظهور عادة خلال مرحلة الطفولة، ويتسبب في فقدان قوة الإبصار تدريجياً وصولاً إلى العمى الكامل في منتصف العمر، وخصوصاً لدى الذكور.
وتعتبر مشيمية العين (بالإنكليزية Choroid) هي طبقة رقيقة تحوي شبكة شعيرات دموية، ويتراوح سمكها بين 0.2 ملم و 0.1 ملم وتغذي طبقات شبكية العين وتمدها بالأكسجين. وعادة ما تصاب تلك الطبقة بالتنكس بسبب اضطراب وراثي مرتبط بكروموسوم الذكورة، ويؤدي ذلك إلى تهتك شبكية العين.
وبدأ تطبيق تقنية العلاج الجيني لهذا المرض قبل بضع سنوات ونجحت في تحقيق بعض النتائج المشجعة نسبياً، وحمل باحثو جامعة أوكسفورد أخبار سارة جاءت في سياق تقرير نشرته أخيراً دورية «جورنال أوف ميديسن» الطبية المتخصصة، وهو التقرير الذي زف إلى المجتمع الطبي العالمي أنباء نجاحهم في تحقيق إنجازات جديدة من خلال هذه التقنية بعد أن أدخلوا عليها تحسينات أسهمت في معالجة حالات عمى وراثي كان ميؤوساً من شفائها.
وتعتمد التقنية العلاجية على القيام بحقن فيروس معين في داخل العين - وتحديداً تحت الشبكية – كي يحفز إطلاق مليارات من الجينات السليمة التي تحل محل الجينات المفقودة بسبب انتكاس وضمور مشيمية العين، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى إعادة بناء المشيمية وشبكة الشعيرات الدموية التي تغذي الشبكية فتستعيد العين جزءا لا بأس به من قدرتها على الإبصار تدريجياً.
ويُعرف الفيروس الذي يتم حقنه بـ AAV (أي «الفيروس المرتبط بالعُقد اللمفاوية»)، وهو سلالة فيروسية لا تسبب أي أمراض كما تتميز بقدرتها الفعالة على النفاذ عبر خلايا شبكية العين وصولا إلى طبقة المشيمية.
وعلى الجانب الغربي من المحيط الأطلسي أشاد الناطق الرسمي باسم الأكاديمية الأميركية لطب العيون، الدكتور راج ماتوري، بهذه النتائج المبشرة واصفاً إياها بأنها: «أفضل شيء يمكن أن يحصل لمرضى العمى الوراثي الناجم عن تنكُّس مشيمية العين».

