يجب سؤال الأطفال عن مصدر المعلومات الخاطئة، وتعليمهم أن يتمهلوا قبل تصديق أي معلومات والرجوع للأهل للتأكد منها، وألا يتحدثوا عن شيء أو ينشروه على صفحاتهم بالتواصل الاجتماعي قبل التيقن من صحته. 

ولنسارع بإخبارهم بمعلومات قليلة شرط أن تكون واضحة، مثل أنه فيروس منتشر بشدة بالعالم، ويمكن تجنبه بالاستعانة بالله أولاً، ثم بالبقاء بالبيوت، وبالنظافة المستمرة والتعقيم، والغذاء الصحي، مع ضرورة أن يتكلم الأهل بهدوء، وألا ينقلوا مخاوفهم لأطفالهم، ويمكن إطْلاعهم على الصور التي توضح الوقاية من «كورونا».

لا تتسبب بإخافتهم

يجب ألا يعتبر الأهل أن صمت الأطفال وعدم حديثهم عن «كورونا» أمر جيد؛ فقد يكون بسبب القلق الزائد، ونود ألا يقال لهم: لا تخافوا؛ لأن الفيروس يصيب الكبار أكثر؛ فغالباً سيخافون على الأهل والأجداد، والأفضل التركيز على الوقاية.

نوصي بالاستماع لكل مخاوف الأطفال، وتجنب أي سخرية منها، وأن نستمع لكل طفل على حدة؛ لمنحه الفرصة التامة للكلام دون خوف من مضايقات إخوته، مع أهمية الانتباه لملامح الوجوه والسيطرة على الانفعالات عند الحديث معهم، حتى لا نصدِّر لهم الخوف دون أن ندري، وأيضاً لا نبالغ بتبسيط ما يحدث وكأنه أمر طبيعي؛ حتى لا نبدو وكأننا نخدعهم أو ندفعهم للاستهانة بالوقاية.

لا نرحب بذكر تفاصيل مآسٍ سابقة مرت على البشرية، خاصة مع الأطفال الأصغر سناً؛ حتى لا يزيد خوفهم ولن يقلله، ويفضل الاكتفاء بذكر أن هناك كوارث إنسانية حدثت وتعافى منها الناس وسينتهي «كورونا» أيضاً بفضل الله سبحانه.

ومهم ألا نحدد لهم موعداً لانتهاء الفيروس؛ فهذا غير واقعي، وحتى لا يفقدوا الثقة بالأهل، ولنكتفِ بالقول: إننا ندعو الله عز وجل أن يكون ذلك قريباً، مع شغل أوقاتهم بما يفيدهم ويسعدهم، والتقليل من تعرضهم لوسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الإنترنت؛ لأنها تزيد التوتر؛ والمبالغة بالسماح بها أثناء «كورونا» ستجعلهم يدمنونها ويصعب عليهم التقليل منها بعد انتهاء الأزمة.

ونفضل شغلهم بهوايات؛ كالرسم والتلوين والقراءة، وصنع ألعاب بأيديهم من أشياء موجودة بالبيوت، وعلى الإنترنت فيديوهات كثيرة تشرح ذلك، وتشجيعهم على كتابة مشاعرهم ورسم ما يريدون للتعبير عما بأنفسهم وتأليف قصص وتمثيلها، وبالتواصل بالصوت والصورة مع الأجداد والأقارب وأصحابهم؛ كبديل عن اللقاءات معهم مما يسعدهم ويقلل التوتر.

ابتزاز وأخطاء

نحذر أن بعض الأطفال قد ينتبهون لرغبة الأهل الزائدة بحمايتهم؛ فيتعمدون المبالغة بإظهار مخاوفهم طمعاً في زيادة اهتمام الأهل؛ فلا تجعلهم يبتزونك بدعوى الخوف، وأحضر كوباً فارغاً وضع به ماء نقياً ثم ضع به أي نفايات، وأخبرهم أن العقل كالإناء يمكن أن يكون جيداً ونقياً عندما نجيد التفكير، أو سيئاً وبه نفايات عندما نستسلم للخوف، وأن المطلوب الحذر وزيادة الاهتمام بالنظافة الشخصية.

مع ضرورة التعامل مع الأطفال كالعادة، فلا نتساهل مع أخطائهم بدعوى أنهم يعانون من البقاء الإجباري بالمنازل؛ فهذا ليس مبرراً لإيذائهم بالتغاضي عن أخطائهم، فمن واجب الأهل عدم التهاون بتربية الأطفال بكل الأوقات، وستنتهي أزمة «كورونا» بمشيئة الله تعالى، ومهم ألا يكتسب الأطفال طباعاً سيئة خلالها؛ فسيصعب التخلص منها بعد ذلك، وسيشعرون بأن الأهل يظلمونهم عندما يطالبونهم بالتخلي عنها وقد وافقوا عليها أثناء الوباء. 2020-05-10_04h40_41.jpg

مع أهمية إبعاد الأطفال عن الأهل وقت مشاهدتهم أخبار «كورونا»، وإخبارهم بالأمور الإيجابية –بلا مبالغة- كزيادة حالات التعافي وبدء انحسار المرض في بعض البلدان.

ونود تجنب المبالغة بتدليل الأطفال وكأن الأهل يعتذرون لهم، فهم غير مسؤولين، ولا بد من توضيح حاسم لهم أن الجميع يتضرر من عدم مغادرة البيت، ولكنه الحل الوحيد لحماية النفس، ومن الذكاء تقبّل ذلك، والكف عن التذمر الذي يضايق ولا يحل المشكلة، بل يصعّب التعامل معها.

أشعِرْ طفلك أنه بأمان، وأن أزمة «كورونا» فترة مؤقتة وستنتهي بمشيئة الله، وأنتم جميعاً بأفضل أحوال، وعليه الدعاء بأن يحفظكم الله عز وجل، ثم اتباع التعليمات بجدية، واليقين بأنكم ستكونون بخير.

درّبْ طفلك على التنفس بهدوء من الأنف فقط مع إغلاق الفم عند الشعور بالتوتر، وإن كان صغيراً جداً، يمكنك تدريبه على ذلك وهو يصفق بيديه أو يتخيل أنه تخلص من الخوف، وبالإمكان جعله يقفز بعدها ليشعر بالمرح، ويقرر التخلص من الخوف.

ومهم متابعة تصرفات الأطفال، خاصة إذا ظهرت أعراض غير معتادة؛ كالتبول اللاإرادي، أو فقدان الشهية، أو الصراخ والبكاء بلا سبب، فهذا لا يعني أن الطفل يعاني من مشكلة، ولكنه يريد بعض التهدئة بلا مبالغة، ويحتاج للانشغال أكثر بما يحبه، مع ضرورة إفساح المجال له ليمارس اللعب وأي رياضة بدنية ليتخلص من إحساسه بعدم إفراغ طاقاته بصورة طبيعية باللعب والحركة كما كان يفعل بالمدرسة وبالمنتزهات.

احرص على أن ينال أطفالك قسطاً كافياً من الراحة خلال اليوم، وأن يناموا جيداً، وألا يطيلوا السهر؛ لأنه يضرهم عصبياً وجسدياً، مع الاهتمام بتغذيتهم، وأن يتناولوا الطعام بنفس المواعيد، وتخصيص أوقات للقراءة مقررة وأنشطة أخرى، ولا تقل لطفلك: لا تقلق، بل قل: اطمئن؛ فالأولى تثير القلق وتخفي قلقك أنت، والثانية تجعله يهدأ ويطمئن.

لماذا نمرض؟

وللإجابة عن سؤال: لماذا يمرض الإنسان؛ قل: كثيراً يكون السبب إهماله بالحفاظ على صحته، وعدم اهتمامه بالغذاء الصحي، واستسلامه للغضب الذي يضر بالصحة، وعدم حرصه على نظافته الشخصية، وقلة حركته، وبدانته أو نحافته الزائدة؛ وما عدا ذلك يكون اختباراً من الله عز وجل، مع التنبيه أن الاختبار لا يكون فقط بما يؤلمنا كالمرض أو الفقر، ويكون كثيراً بالصحة والثراء وامتلاك ما نحب؛ ليرى الخالق سبحانه وتعالى كيف نستخدم كل ذلك؛ هل سنشكره ونحسن الاستفادة من أعمارنا وصحتنا وأموالنا وننجح بدراستنا وأعمالنا ونعاون الضعفاء والفقراء أم لا، ونؤكد أنه ليس كل مريض بـ»كورونا» أو بغيره سيموت، فالغالبية ينعمون بالشفاء وبحياة أفضل بعد المرض؛ إذ يشعرون بأهمية الصحة ويحافظون جيداً عليها ويحسنون من تصرفاتهم.

وعلى المسلم أن يحافظ على نفسه دائماً، ويبتعد عن كل ما يتسبب بإصابته بالأمراض ويقوي جسده بالطعام الصحي وبالرياضة، وبتجنب السهر والابتعاد عن القلق والغضب، ويشغل أوقاته بما يفيده؛ ليحمي صحته النفسية التي تؤثر بالطبع على صحته الجسدية.

من الطبيعي أن يتكلم بعض الأطفال عن الخوف من الموت، وعلى الأهل عدم مقاطعتهم، وتجنب إبداء الانزعاج، والاستماع بصبر، وإرخاء قسمات الوجه لتهدئة النفس أولاً، ثم ليحس الطفل بالارتياح والثقة بالأهل لهدوئهم أثناء إبداء مخاوفه.

ثم نجيبهم بأقل قدر من الكلمات، مثل الحياة الدنيا رحلة، وليست مقراً للبقاء والاستمرار كالآخرة، وأننا أذكياء، وسننشغل بالحياة وبفعل ما يسعدنا ويفيدنا ولن نفكر بالموت؛ ليس لأنه مخيفاً أو سيئاً، ولكن لأننا كمن يقوم برحلة فلا بد أن يستفيد منها ويسعد نفسه بها ولا ينشغل فيما ينتظره بعد عودته لبيته إلا بما يفيده فقط ببيته، فسنفكر ونحن بالدنيا بالآخرة، ونحن نفعل الأمور الجيدة ابتغاء وجه الله عز وجل، ونحن مطمئنون لواسع فضله وعظيم إحسانه.

 وعلينا الاستمتاع بنعم الله في الدنيا والفرح بها وشكر الخالق عز وجل عليها، وأن نسعى لنكون جميعاً أقوياء، فالمؤمن القوي خير وأحب، كما أخبرنا رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه، وأن نهتم بالنجاح بكل شيء؛ بدءاً من حسن علاقتنا بالخالق عز وجل بطاعته وحسن أداء العبادات، ومروراً بالنجاح بالدراسة والعمل والعلاقات الطيبة مع الأهل وخاصة الوالدين، وانتهاء بالنجاح بتقسيم أوقاتنا والاستمتاع بالهوايات والنشاطات المختلفة.