للعام الثامن على التوالي، تتواصل فصول الانتهاكات بحق سمية ماهر حزيمة، في واحدة من أكثر القصص الإنسانية إيلامًا داخل السجون حيث تحوّل حلم الزفاف إلى رحلة طويلة من القهر والمرض والغياب القسري، وسط مطالبات حقوقية بالإفراج عنها بعد تجاوزها المدد القانونية للحبس دون إدانة.

 

تعود بداية القصة إلى شتاء عام 2017، حينما اقتحمت قوات الأمن في ساعة متأخرة من الليل، منزل أسرة سمية ماهر، وهي عروس شابة من محافظة البحيرة، ابنة المعتقل السياسي ماهر حزيمة، عضو مجلس الشورى السابق، والمحكوم عليه بالسجن 10 أعوام في قضايا وصفتها الأسرة ودوائر حقوقية بأنها «ملفّقة ولا تستند إلى أدلة قانونية».

 

زواج تحت ظلال السجن

 

كبرت سمية، كما آلاف الفتيات في ظل معاناة مستمرة بسبب اعتقال أحد الوالدين، لكنها تمسكت بالحياة، وقبلت الارتباط بطبيب شاب، كان يقضي عقوبة سجن مدتها 7 أعوام في قضية سياسية، ورافق والدها داخل محبسه.

 

انتظرت العروس خطيبها ثلاث سنوات كاملة، إلى أن قُبل الطعن على الحكم الصادر بحقه، وتم إخلاء سبيله. خرج العريس من السجن، وتم عقد القران وسط فرحة غابت عنها مظاهر الاحتفال، لكنها حملت الأمل ببدء حياة جديدة بعد سنوات من الألم.

 

اقتحام جديد.. واختفاء قسري

 

لم تكتمل الفرحة. فبعد أيام قليلة فقط من عقد القران، داهمت قوات الأمن منزل عائلة «حزيمة» مرة أخرى، وقامت بكسر باب العقار المكون من أربعة طوابق، واعتقلت سمية ووالدتها، واقتادتهما إلى جهة غير معلومة.

 

وبحسب شهادات الأسرة، تم إطلاق سراح الأم لاحقًا، بعد أن تُركت وحيدة في صحراء التجمع الخامس، في واقعة وصفتها العائلة بـ«الصدمة القاسية»، بينما اختفت سمية قسريًا لأكثر من 72 يومًا، دون تمكين أسرتها أو محاميها من معرفة مكان احتجازها.

 

من الاختفاء إلى الحبس الطويل

 

لم تظهر سمية إلا بعد أسابيع، لتفاجأ الأسرة بضمها إلى قضية جديدة، وبدء رحلة حبس احتياطي ممتدة منذ عام 2017 وحتى اليوم، دون صدور حكم نهائي بحقها.

 

وخلال سنوات حبسها، واجهت سمية، بحسب منظمات حقوقية وشهادات مقربين منها، سلسلة من الانتهاكات الجسيمة، شملت منع حضور المحامين، والحبس الانفرادي لفترات طويلة، وحرمانها من الزيارة، إضافة إلى الإهمال الطبي المتعمد.

 

صحة منهارة وإهمال طبي

 

تدهورت الحالة الصحية لسمية بشكل ملحوظ داخل محبسها، حيث مُنعت من العلاج المناسب رغم معاناتها من أمراض مزمنة، وهو ما انعكس على مظهرها الجسدي وحالتها النفسية.

 

وتقول أسرتها إن «عروس البحيرة» دخلت السجن وهي في مقتبل العمر، وخرجت ملامحها منهكة، وكأنها امرأة تجاوزت الخمسين، نتيجة المرض والضغط النفسي وظروف الاحتجاز القاسية.

 

انتهاكات «ترقى للسادية»

 

ترى جهات حقوقية أن ما تعرضت له سمية ماهر يمثل نموذجًا صارخًا لانتهاكات ممنهجة، ترقى – بحسب وصفهم – إلى «السادية»، ولا يمكن أن يقبلها أي ضمير إنساني حي، خاصة في ظل غياب أدلة إدانة، واستمرار حبسها بالمخالفة الصريحة للقانون.

 

ويؤكد مختصون أن سمية تستحق الإفراج الوجوبي، لتجاوزها الحد الأقصى للحبس الاحتياطي المنصوص عليه قانونًا بعامين، بينما قضت أكثر من سبعة أعوام قيد الحبس على ذمة قضايا لم يصدر فيها حكم نهائي.