تعد القاهرة من أكثر عواصم الدول اكتظاظًا بالسكان، حيث يتجاوز عدد سكانها 10 ملايين نسمة، بينما يصل عدد سكان القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) أكثر من 22 مليون نسمة وفقًا لتقديرات عام 2023، مما يجعلها من أكثر المدن ازدحامًا، في ظل نزوح المصريين من الصعيد والدلتا إليها بحثًا عن فرص عمل.
وقال إبراهيم صابر محافظ القاهرة في تصريحات صحفية، إن العاصمة لم تعد قادرة على استيعاب مزيد من التوسع العمراني، "لأنها أصبحت مزدحمة وغير قادرة على استيعاب سكان مرة أخرى"، داعيًا إلى التوجه إلى المدن الجديدة مثل الشروق وبدر والقاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية للإقامة والعيبش هناك.
وعلى الرغم من أن تصريحات المحافظ حول اكتظاظ القاهرة بالسكان ليست جديدة، لكن الجديد أنه على الرغم من التوسع في البناء في المدن الجديدة، إلا أنها لا تعد مناطق جذب للسكن والعمل فيها، ولا زالت العاصمة هي ملاذ الباحثين عن السكن والعمل معًا.
الافتقار للجاذبية
وهو ما يطرح التساؤلات حول المخططات العمرانية التي يغيب عن القائمين عليها، العمل على جذب المصريين إليها، بتوفير وحدات سكنية بأسعار مناسبة، مع التوسع في منح التراخيص لفتح المصانع والشركات من أجل استيعاب أكبر عدد من السكان في تلك المدن.
ولطالما تحدثت الحكومات المتعاقبة المتعاقبة، بما فيها الحكومة الحالية عن النمو السكاني المتسارع في مصر باعتباره تهديدًا للاقتصاد الوطني وعائقًا أمام آفاق التنمية والازدهار في البلاد. إلى حد وصفه بأنه يمثل "قنبلة سكانية متفجرة".
ويعيش 97 بالمائة من سكان مصر على 4 بالمائة فقط من مساحة البلاد، معظمها على طول نهر النيل، فيما تهدف المدن الجديدة المخطط إلى تخفيف الضغط على المدن القديمة المكتظة بالسكان، التي تعاني بشكل خاص من الاختناقات المرورية، وتدهور الخدمات العامة، وارتفاع مستويات التلوث البيئي في المدن الكبرى، ولا سيما القاهرة.
لكن حتى الآن، لم يُبدِ سوى عدد قليل من المصريين رغبة أو قدرة على الانتقال إلى هذه المدن الجديدة. فالقاهرة الجديدة - الواقعة بين القاهرة والعاصمة الجديدة - لا يتجاوز عدد سكانها 500 ألف نسمة، على الرغم من أنها كانت مُخططة في الأصل لاستيعاب 5 ملايين نسمة.
ارتفاع أسعار الوحدات السكنية
بحسب المعماري البريطاني نيكولاس سيمسيك أريس، الباحث بجامعة أكسفورد، فإن المدن الجديدة التي تم تشييدها في مصر خلال العقود الأخيرة تُبنى في المقام الأول لإسكان أفراد الطبقة المتوسطة العليا، و"لا يستطيع حوالي 80 بالمائة من المصريين تحمل تكلفة شقة في القاهرة الجديدة أو العاصمة الجديدة".
ويلخص معنيون أسباب العزوف عن الإقامة بالمدن الجديدة إلى ارتفاع الوحدات السكنية فيها، والتي باتت لا تقل سعر الوحدة فيها عن مليوني جنيه، وهو رقم لا يقدر عليه غالبية المصريين من متوسطي ومحدودي الدخل، مما يجعل خيار اللجوء إلى التمويل العقاري هو الأنسب لشريحة كبيرة، على الرغم من نسبة الفائدة المرتفعة التي يتحملونها.
لذا، فإن توفير وحدات سكنية آدمية تصلح للسكن مقابل أسعار معقولة، يعد هو الحل العملي لتلك المشكلة، فضلاً عن تحفيز وتشجيع رجال الأعمال على التوجه إلى المناطق الجديدة، لأن واحدة من أكبر العوامل الطاردة تتمثل في بعد أماكن العمل، مما يكبد المقيمين في المدن الجديدة، نفقات كبيرة في التنقل يوميًا، ويستقطع ساعات طويلة من اليوم في الذهاب والعودة، وهو أمر مرهق للكثيرين.
حلول ومقترحات
ويقول الخبراء إنه يمكن التعب على مشكلة كهذه بعدة طرق، منها على سبيل المثال العمل عن بُعد، فى ظل التسويق والبيع الإلكتروني، ومشروعات الواقع الافتراضي، بما يتضمنه ذلك من إقرار تشريعات، وضوابط، ولوائح تنفيذية للنظام الجديد.
فضلاً عن إمكانية تقديم تسهيلات ومميزات لأصحاب الأعمال، تشمل على سبيل المثال: تسهيلات ضريبية، أو قروض دون فوائد، إضافة إلى الأدوات اللازمة للابتكار والتطوير، ما يحفزهم على إنشاء مقار لشركاتهم فى المدن الجديدة، بما سهل عمليات الانتقال سواء للشركات أو المواطنين، ويتوافق مع مخططات الدولة.

