قالت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، إن مقتل ياسر أبو شباب، الذي يُعتبر أبرز قائد ميداني في شبكة الميليشيات المعادية لـ "حماس"، الخميس، بمثابة لحظة كشفت عن مدى تصدع الفكرة "الإسرائيلية" بتشكيل قوة محلية بديلة من داخل غزة.
ففي اليوم السابق لمقتله، شهدت مدينة رفح أعنف معارك حتى الآن بين مقاتلي ميليشيا أبو الشباب - الذين يطلقون على أنفسهم اسم "القوات الشعبية" – ومقاتلي "حماس".
ووصف الميليشيا الحدث بأنه "يوم تاريخي". وكتب غسان الدهيني، نائب أبو شباب، الذي كان يُعالج في "إسرائيل" - على ما يبدو في مستشفى برزيلاي - لكنه يزعم أنه في رفح: "كان إنجازًا سيُكتب في كتب التاريخ".
وحسب قوله، انهارت مجموعة مسلحة قوامها حوالي 80 من مقاتلي حماس خلال "عملية التطهير"، واصفًا إياهم بأنهم "كانوا مشتتين ومرتبكين، وقُتل بعضهم واعتُقل بعضهم".
وقال أحد المقاتلين في ميليشيا أبو شباب: "لقد حفّزنا ذلك على المضي قدمًا. كنا نعتقد أن التغيير قريب".
حرب داخلية
لكن في تلك اللحظة تحديدًا، أشارت الصحيفة إلى اندلاع ما وصفته بـ "الحرب الحقيقية داخل النظام نفسه الذي أعلن النصر: حرب داخلية".
تصف مصادر داخل الميليشيا ساعات من التوتر والريبة والشجار بين العائلات والميليشيات. ما بدأ كشجار سرعان ما احتدم، حتى رفع السلاح في إحدى المواجهات، وتصاعد الصراع إلى إطلاق نار على القائد.
وبحسب مصادر أمنية "إسرائيلية"، تعرض أبو شباب لضرب مبرح في شجار داخلي، على ما يبدو بسبب خلافات حول مدى تعاونه مع "إسرائيل". ونقلته قوات "إسرائيلية" إلى خارج القطاع، لكنه توفي متأثرًا بجراحه في طريقه إلى مستشفى سوروكا.
ووصفت الصحيفة ما حدث بأنه "ضربةٌ مباشرةٌ للخطة الإسرائيلية لإنشاء قوةٍ محليةٍ في قطاع غزة لملء الفراغ الأمني المدني مكان حماس".
ونقلت عن مصدر أمني قوله: "أيُ تصفيةٍ داخليةٍ كهذه تُمزِّق الأساسَ الذي حاولنا بناءَ آليةٍ بديلةٍ عليه. فبدلاً من الاستقرار، نرى انهيارًا".
وكرد فعل على مقتله، انتشرت صور في غزة بعضها يظهر الغزيين وهم يوزعون الحلوى.
وقال أحد سكان غزة: "ليس عليهم أن يقاتلوهم. الميليشيات هي من تقوم بالعمل نيابةً عنهم. أي شقاق كهذا يجعل حماس الخيار الوحيد".
الانقسامات والتنافسات العائلية
واعتبرت مصادر في القطاع أن مقتل أبو شباب ليس سوى البداية، إذ من المتوقع أن تُشعل الانقسامات، والتنافسات العائلية، والتنافس على السلاح والسلطة، المزيد من الصراعات.
وقال مصدر محلي: "النظام بأكمله قائم على أسس هشة. كل قائد يسقط يُحدث فراغًا، والفوضى تزداد".
وكان أبو شباب نفسه يعتقد أنه في طريقه ليصبح بديلاً حقيقيًا لحكومة حماس. وفي مقابلة مع "يديعوت أحرنوت"، كشف أن حماس فشلت في الوصول إليه. وحسب قوله، فقد ازدادت شعبيته في غزة، وانضم إليه عشرات الشباب.
وقال: "كل من كان يحمل سلاحًا جاء وقاتل معي. من خبأوا الأسلحة أعطوني إياها. شعرتُ أنني على الطريق الصحيح. لقد ضعفت حماس كثيرًا، وهذا واضح على أرض الواقع. عندما نقاتلهم، يفرّون كالفئران. صحيح أن لديهم مجندين جددًا، لكنهم غير مدربين. هناك مراهقون يحملون أسلحة ولا يعرفون كيفية استخدامها".
لكن زعيم الميليشيا الذي اعتبر نفسه قائدًا للثورة، قُضي عليه من قِبل القوى التي ساهم في نموها. وتحطمت رؤيته لـ"غزة مختلفة" بالرصاصة التي وُجهت إلى ظهره.
فراغ خطير
ورأت الصحيفة أن مقتل أبو شباب يخلف فراغًا خطيرًا، لأنه "لا يوجد حاليًا كيان مستقرّ قادر على خلافة حماس في قيادة غزة. الميليشيات منقسمة، وغير منظمة، وتنحدر إلى عنف داخلي. من المتوقع أن يخلفه نائبه، غسان الدهيني، لكن منصبه ليس مستقرًا تمامًا".
ونقلت عن مصادر أمنية "إسرائيلية" أن "أبو شباب قُتل متأثرًا بالضرب خلال شجار مع عناصر آخرين في ميليشياته، على ما يبدو بسبب خلافات داخلية حول التعاون مع إسرائيل". وفي وقت سابق، زعمت تقارير مختلفة أنه قُتل بالرصاص خلال اشتباك بين العشائر.
وأعلن غسان الدهيني، الخليفة المتوقع لأبو شباب، عزمه مواصلة إقامة بديل لحكم حماس في غزة. وصرح: "بعون الله، ووفقًا لخطة أخي ياسر، سنكون كما كنا تمامًا - أكثر تصميمًا وقوة".
وأضاف: "بعون الله، سنواصل القتال بآخر ما تبقى من قوتنا، حتى آخر الإرهابيين - صغارًا وكبارًا. لا يهم من هم. اليوم، سترى حماس وجهها الحقيقي الذي كان ينبغي أن تراه منذ زمن طويل. يبدو لهم أننا مستمرون، وأننا مصدر أمل لكل الأحرار، لكل من ينتظر نهاية هذه الجماعة الإرهابية"، وفق تعبيره.
وزعم الدهيني في حديثه عن حماس: "أنها حركة ضعيفة - أضعف من أن تُقوّض معنويات أحد. إنها حركة تحتفل بموت خصم على أيدي آخرين. أي بطولة في ذلك؟".
وتحدث عن أبو شباب، قائلاً: "كان رحمه الله في الميدان طوال حياته. ذهب لحل نزاع بين قبيلة الترابين وأبو زنيمة، فأصابته رصاصة طائشة. أقول لكم: سنواصل عملنا، سنواصل حتى نقضي على آخر الإرهابيين. سنعيد الأمل لجميع الفلسطينيين، ولكل المظلومين، وسنظل مؤمنين بالسلام".
https://www.ynet.co.il/news/article/r1gmjbkzzl

