يشرح صالح سالم أن نحو مئتي مجاهد من حركة حماس يختبئون في شبكة أنفاق جنوب قطاع غزة، بعد أن عزلهم “الخط الأصفر” الذي نشأ في 10 أكتوبر 2025 ضمن الهدنة الأميركية بين إسرائيل وحماس. يمتد الخط بمحاذاة ممر فيلادلفيا حتى ساحل المتوسط، ويشكّل حدّ انسحاب إسرائيل في المرحلة الأولى للاتفاق، ليترك المقاتلين على "الجانب الخطأ من الجغرافيا".

 

 يوضح المقال الذي نشره العربي الجديد أن إسرائيل اشترطت في البداية عودتهم إلى غزة مقابل تسليم السلاح وربما جثامين رهائن. ثم وافقت لاحقًا على ترحيلهم إلى دولة ثالثة. ومع ذلك، يرفض المسؤولون المصريون فكرة استقبال هؤلاء في أي بقعة من الأرض المصرية، رغم دور القاهرة كوسيط رئيسي إلى جانب قطر والولايات المتحدة.

 

مخاطر أمنية تهدد سيناء

 

يركّز المقال على أن قضية هؤلاء المجاهدين تصدّرت مباحثات 10 نوفمبر في لقاء جاريد كوشنر مع بنيامين نتنياهو، إذ دار الحديث حول ممر آمن مشروط بنزع السلاح وإعادة الانتشار. وتتبنى واشنطن مسارًا دبلوماسيًا، بينما يرفض المصريون قطعًا استضافة المقاتلين.

 

يتعامل محللون أمنيون في القاهرة مع هؤلاء كاختبار حاسم لصلابة الهدنة، خصوصًا بعد استعادة جثمان الجندي الإسرائيلي حدار غولدن مقابل رفات فلسطينية في 9 نوفمبر. ويؤكدون أن مصر لا تقبل إيواءهم في سيناء أو غيرها، نظرًا لتحويلها خلال عقد كامل من ساحة للفوضى إلى منطقة محصّنة. حارب الجيش المصري فرع “داعش” في سيناء نحو عشر سنوات، وفقد آلاف الجنود وأنفق مليارات الجنيهات، ثم أعاد بسط السيطرة الكاملة عليها عام 2021.

 

يضيف الخبراء أن السماح بدخول عناصر مسلحة من حماس، التي يصنفها الخطاب الرسمي كقريبة أيديولوجيًا من الإخوان المسلمين، يهدد هذا الاستقرار. ويسجّل فؤاد علام أن ضغط الحرب على غزة ينعكس مباشرة على سيناء، خصوصًا مع القلق من تدفق فلسطينيين إليها أو عودة شبكات متطرفة. ويشير إلى أن القاهرة اتخذت عشرات الإجراءات لضمان عدم تجدد العنف أو ظهور خلايا جديدة.

 

تتجاوز القوات المصرية الحدود المسموح بها وفق اتفاقية كامب ديفيد في أكثر من مناسبة، استنادًا إلى “مبررات أمنية”، بينما تحتج إسرائيل وتطلب ضغطًا أميركيًا. ورغم هذا الاشتباك البروتوكولي المتكرر، يواصل الطرفان معالجة الملف بما يخدم الحفاظ على الاستقرار. ويرى محللون أن المقاتلين العالقين بالخط الأصفر يمثّلون “شرارة محتملة في برميل بارود”.

 

تكلفة سياسية خانقة

 

يستعرض المقال الأعباء التي تواجهها السلطة المصرية: اقتصاد مضطرب، آثار جائحة كورونا، ارتدادات حرب أوكرانيا، وخسارة 60% من إيرادات قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. هبطت عائدات القناة إلى 2.9 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025 بعد أن بلغت 7.1 مليارات في الفترة نفسها عام 2022.

 

يرى محللون أن قبول مقاتلي حماس في مصر سيولّد عاصفة سياسية. فشرائح واسعة من المصريين، بين قوميين وعلمانيين وأقباط، تصف حركة حماس بأنها “متطرفة”، وتعتبر أي تقارب معها خيانة للموقف الوطني. تشتعل مواقع التواصل بهاشتاجات رافضة لفكرة استقبالهم، ويرى كثيرون أن دعم غزة لا يعني احتضان مقاتلين مسلّحين.

 

يحافظ النظام على موقعه كوسيط محايد، لا كطرف مؤيد لحماس. ويرفض فتح معبر رفح أمام النزوح الجماعي منذ 2023، إذ عزّز الحدود بجدران إسمنتية ومناطق عازلة ودوريات بحرية. واستقبال مئتي مقاتل سيقوّض هذه السياسة بالكامل.

 

يتوقف المقال عند قرار رئيس الانقلاب إلغاء زيارة للبيت الأبيض في أبريل الماضي اعتراضًا على طرح ترامب “منتجع الشرق الأوسط” الذي يدمج إعادة إعمار غزة مع إعادة توطين سكانها في سيناء. يقرأ المحللون هذه الخطوة كرسالة واضحة: الأمن القومي ليس للبيع، وأن أي تنازل في قضية التهجير سيُضعف شرعية الرئيس محليًا.

 

ويشير الباحث السياسي أحمد عبد المجيد إلى أن توطين الفلسطينيين في سيناء ينسف فكرة الدولة الفلسطينية ويضرب أساس القضية. ويضيف أن مصر استقبلت آلاف الجرحى للعلاج، لكنها قاومت كل الضغوط التي تدفع نحو نقل السكان إلى سيناء.

 

توازنات جيوسياسية دقيقة

 

يفتح المقال مساحة للبعد الجيوسياسي، مؤكدًا أن القاهرة تسير على حافة حادة بين تلبية توقعات واشنطن—التي تمنح مصر 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية سنويًا—ومراعاة شروط إسرائيل الخاصة بنزع سلاح حماس. وتقدّم مصر صيغة بديلة: تسليم المقاتلين أسلحتهم للقوات المصرية على الحدود، ثم عودتهم إلى عمق غزة لا إلى سيناء ولا إلى القاهرة.

 

يظل خيار الدولة الثالثة قائمًا نظريًا، لكن مصر ترفض التطوع لهذه المهمة. وتنسجم هذه المقاربة مع سياستها الممتدة لعقود في “احتواء” حماس: إغلاق الأنفاق، وتشديد الرقابة على المعابر، والتنسيق الأمني مع إسرائيل لمنع الحركة من بناء قواعد خلفية في سيناء. بين 2015 و2023 دمّرت القوات المصرية أكثر من ألفي نفق تهريب بالتوازي مع معلومات استخبارية إسرائيلية.

 

يتعامل المقال مع المجاهدين العالقين كرمز للثغرات الكبرى في الهدنة. فإسرائيل تراهم خطرًا يجب تحييده، بينما تصفهم حماس بأنهم “أبطال ينبغي استيعابهم”. وتعتبرهم القاهرة صندوقًا ملغومًا، لأن أي تنازل بشأنهم قد يعرّض استقرار سيناء للخطر ويفتح الباب لاتهامات شعبية وسياسية.

 

ينقل المقال عن محللين أن الخط الأصفر في نظر مصر ليس خطًا جغرافيًا، بل “جدارًا واقيًا” يحمي حدودها. وقد يختفي هؤلاء المجاهدون بالعودة إلى عمق غزة أو بالذهاب إلى منفى بعيد، لكن أبواب سيناء ستظل مغلقة.

 

ويختم عبد المجيد بأن مصر تنادي بدولة فلسطينية بلا ميليشيات، وترى أن نقل هؤلاء إلى دولة ثالثة أو إلى سيناء يناقض سياستها المعلنة تجاه القضية الفلسطينية.

 

https://www.newarab.com/news/why-egypt-wont-save-hamas-fighters-trapped-behind-yellow-line