مع دخول موسم البرد بقوةٍ في قطاع غزة، وجّه المحلل السياسي فايز أبو شمالة عبر تغريدة تحذيرًا حادًّا قائلاً: “الشتاء بدأ يهز أوتاد الخيام في غزة، ويرسل تحذيراته. الشتاء قادم يا أمة لا إله إلا الله، فماذا سيفعل أهل غزة؟ أو ماذا ستفعلون لإغاثة أهل غزة؟”

 

هذه الرسالة تأتي في ظرفٍ إنساني غاية في الخطورة، إذ إن آلاف العائلات النازحة تعيش في خيامٍ عارية لا تحتمل المطر أو البرودة، والشتاء أمامهم كعدو جديد يضاف إلى حصارٍ مستمر ومعابرٍ مغلقة ومساعداتٍ مدققة وربما محجوبة. هذا التقرير يُحاول تحليل المخاطر الحالية والمستقبلية، ويفسّر لماذا الوضع في غزة وصل إلى هذا المستوى من الهشاشة، مع آخر تطورات الواقع الإنساني والميداني.

 

 

الخيام تنبئ بمعركة وإنسحاب الخدمات

 

أشارت تقارير من الأمم المتحدة إلى أن نسبة المُهجرين داخلياً داخل غزة مرتفعة جدًا وأن أغلبهم يسكنون خيامًا أو مرافق مؤقتة لا تفي بشروط الشتاء.

 

وحسب توصيات متخصصة لتأقلم الشتاء في غزة: أكثر من 86.5٪ من القطاع مهدد أو تحت أوامر إخلاء، وتدهور ظروف المأوى أدى إلى أن الخيام لن تكون كافية للوقاية من البرد أو الأمطار.

 

من جانب آخر، حذّرت الوكالات المُعنية من أن المواد الشتوية – من خيام مقاومة للمطر، أغطية ثقيلة، نوم وبطانيات – ما زالت “محجوزة” في مستودعات خارج غزة، بانتظار الحصول على تصاريح دخول.
هذه المعطيات تجعل الشتاء ليس مجرد فصلٍ قادم، بل معركة بقاء حقيقية لسكان غزة، يعيثه البرد والرياح والمطر المباشر في خيمٍ بلا دفء ولا حماية.

 

الحصار والمعابر: ضبط دخول المساعدات

 

أحد أبرز العوائق الميدانية هو إغلاق المعابر أو تشديدها بشكل كبير، ما يمنع دخول شحنات الإغاثة في الوقت المناسب. مثلاً بين 10 و21 أكتوبر، رفضت سلطات الاحتلال دخول شحنات عاجلة لأكثر من 17 منظمة إنسانية، شملت خياماً وأغطية ومعدات تدفئة.

 

كما أن التقارير تشير إلى أن المواد التي تُحظّر أو تؤخر هي تلك المرتبطة بـ«المأوى الشتوي» تحديدًا.

 

بعبارة أخرى، يمكن وصف المشهد بأنه عبارة عن “برد معبّأ” لدى السكان: ليس فقط لانعدام المساعدة، بل لأن المعابر تُشترط عليها تصاريح وتأخيرات جعلت موسم الشتاء يُشغّل مبكرًا في غزة.

 

تأثير الشتاء وسط انهيار الخدمات والبنية التحتية

 

بينما يتحضّر العالم لموسم الشتاء في منازلٍ تدفّأ، فإن غزة تعيش تحت سقفٍ من الحُطام والانقطاع. فعلى سبيل المثال: أكثر من 1,700 من العاملين في القطاع الصحي قُتلوا حتى 7 أكتوبر 2025، وهو ما يُمثل نحو 7٪ من قوة العمل قبل الحرب.

 

كذلك، الأنظمة الصحية والمياه والصرف الصحي في حالة انهيار، ما يفاقم خطر الأمراض المرتبطة بالبرد والرطوبة. سابقًا، أفادت وكالة أنباء بأن ستة أطفال على الأقل ماتوا بسبب البرد في خيام غزة خلال أسابيع قليلة.

 

الشتاء إذًا يأتي في ظرفٍ صنعت فيه الحرب والدمار والنزوح الطاغي معادلةً مدمّرة: الخيمة الباردة + الخدمات المنهارة = كارثة إنسانية محتومة.

 

نداء الإغاثة: ماذا يفعل المجتمع الدولي والعربي؟

 

تغريدة أبو شمالة تأتي كنداء مُوجّه للمجتمع العربي والإسلامي والعالم ككل: “ماذا ستفعلون لإغاثة أهل غزة؟”

 

إنها دعوة إلى تحرّك عاجل: فتح المعابر – تخفيف القيود – إدخال الخيام والفرش الشتوي – تقديم دفعات عاجلة من الوقود والمولدات – تأهيل مناطق النزوح.

 

منظمات الإغاثة تقول إن القدرة الحالية لا تتناسب مع حجم التحدي، وأن الوصول المُعيق للمساعدات هو أحد أهم مكامن الأزمة.

 

وهذا المجهود يجب أن يكون عبر مسارين: مساعدات إغاثة عاجلة + ضغط سياسي لتحويل الحالة من “طوارئ موسمية” إلى “خطة تأقلم شتوية” مستدامة.

 

الشتاء في غزة ليس موعدًا موسميًا بل اختبار مصير

 

تمثل تغريدة فايز أبو شمالة تجسيدًا لصوتٍ يئنّ تحت البرد. فالسكان ليسوا بصدد فصلٍ أبيض بل اختبار وجودي.

 

الخيمة التي تهتز بالرياح في غزة تذكّر بأن الحصار والبرد والسقوط المحسوب لهم نفس الجهة: من يمنع فتح المعبر إلى من يمتنع عن توفير البطانيات.

 

في هذا السياق، يصبح الشتاء ليس تهديدًا طبيعيًا فحسب، بل نتيجة منطقية لسياسات منعت تأمين المأوى وفتحت الباب أمام كارثة مزدوجة: الحصار + البرد.

 

يُطرح السؤال الآن: هل ستُستجاب الدعوة؟ هل تُدقّ المعابر؟ هل يُدخل الدفء بينما مَن في الخيم يستعد للبرد؟

 

الشتاء قادم، و«أمة لا إله إلا الله» تقف أمام اختبار إنساني؛ فإما أن يتجسّد فعلها في دفءٍ وحماية أو أن تُصبح خيام غزة شاهدةً على ماذا يُمكن أن يحدث حين يُركن البرد إلى الحصار ويُضاف إلى معادلة القتل البطيء.