تشهد غزة فصولاً جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل، إذ واصلت طائرات ومدفعية الاحتلال قصفها المكثف على أحياء سكنية في مدينة غزة وخان يونس، ما أسفر عن سقوط مزيد من الشهداء والجرحى، في وقتٍ يتفاقم فيه الوضع الإنساني والطبي إلى مستويات كارثية غير مسبوقة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الأحد، أنّ طواقمها تسلّمت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية سبعة شهداء، من بينهم ثلاثة شهداء جدد وثلاثة انتُشلوا من تحت الأنقاض، بالإضافة إلى شهيد متأثّر بجراحه، فضلاً عن ست إصابات مختلفة وصلت إلى المستشفيات.
وأوضحت الوزارة في بيانها الإحصائي اليومي أنّ عدداً من الجثامين ما زال تحت الركام وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليها بسبب استمرار القصف واستهداف الطواقم الميدانية.
وبحسب التقرير ذاته، فقد ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 68,865 شهيداً و170,670 إصابة، فيما بلغ عدد الشهداء منذ إعلان وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر، 236 شهيداً و600 إصابة، إلى جانب انتشال 502 جثمان من تحت الأنقاض.
قصف متجدد على الشجاعية وخان يونس
طائرة مسيّرة إسرائيلية ألقت قنبلة على منطقة سوق الخضار في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد مواطن وإصابة آخرين، فيما أكد مصدر طبي في مستشفى المعمداني وصول جثمان الشهيد وقد أصيب بشظايا متعددة نتيجة القصف.
وشهدت المنطقة منذ صباح اليوم عمليات نسف متكرّرة طالت عدداً من المنازل والمحال التجارية، ما فاقم الدمار في الأحياء الشرقية للمدينة.
وفي خان يونس جنوبي القطاع، تزامن قصف مدفعي عنيف مع إطلاق نار كثيف من مواقع الاحتلال المنتشرة على أطراف المدينة الشرقية، في وقتٍ تواصل فيه القوات الإسرائيلية تجريف الأراضي والمنازل ضمن ما تسميه “منطقة عازلة” داخل أراضي القطاع.
كما تشير الأنباء إلى أنّ أكثر من 30 ألف مريض فلسطيني ما زالوا على قوائم الانتظار للسفر لتلقي العلاج في الخارج، في ظل انهيار شبه تام للمنظومة الصحية بسبب الحصار المستمر ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية.
حماس ترد على الاتهامات الأميركية
في سياق متصل، رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات القيادة المركزية الأميركية بشأن ما زُعم بأنه “نهب لشاحنات مساعدات إنسانية” داخل غزة، ووصفتها بأنها ادعاءات باطلة تهدف إلى تبرير تقليص المساعدات وتغطية عجز المجتمع الدولي عن إنهاء الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من عامين.
وقالت الحركة في بيان رسمي إنّ الأجهزة الأمنية والشرطية في غزة قدّمت أكثر من ألف شهيد ومئات الجرحى أثناء تأمينها قوافل الإغاثة الإنسانية وضمان وصولها إلى مستحقيها، مؤكدة أن مظاهر الفوضى انتهت فور انسحاب قوات الاحتلال من المناطق التي شهدت اضطرابات، ما يثبت أن الاحتلال هو من أدار تلك الفوضى ورعاها.
وأكدت حماس أنه لم تتلقَّ أي مؤسسة دولية أو محلية، ولا أي سائق من العاملين في القوافل الإغاثية، أي شكوى أو بلاغ بشأن حوادث نهب مزعومة، مشيرةً إلى أن المشهد الذي استندت إليه القيادة المركزية الأميركية "مختلق ومفتعل" لتبرير السياسات الأميركية الداعمة للحصار الإسرائيلي.
“واشنطن شريكة في الحصار”
وأضافت الحركة أن الولايات المتحدة التي تزعم مراقبة الأوضاع بالطائرات المسيّرة لم ترَ الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن 254 فلسطينياً استشهدوا منذ وقف إطلاق النار الأخير، بينهم 105 أطفال و37 امرأة و9 مسنين، بينما أُصيب 595 آخرون، 91% منهم من المدنيين.
وأشارت إلى أنّ الطائرات الأميركية تتغاضى عن عمليات النسف اليومي للمنازل وتوسّع الاحتلال في “الخط الأصفر” الذي يمتد لأكثر من 35 كيلومتراً مربعاً، أي ما يعادل 10% من مساحة القطاع، في إطار سياسة تهدف إلى تفريغ المناطق الحدودية من سكانها.
كما بيّنت الحركة أنّ متوسط عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة لا يتجاوز 135 شاحنة يومياً، فيما تُعتبر البقية شاحنات تجارية لا يستطيع السكان شراء محتوياتها، في ظل منع إدخال البروتينات الأساسية كالبيض واللحوم والدواجن، إضافةً إلى إدخال أقل من 10% من كميات الوقود المتفق عليها.
واختتمت حماس بيانها بالتأكيد على أنّ تبنّي الإدارة الأميركية لرواية الاحتلال يكرّس انحيازها الأخلاقي والسياسي ويجعلها شريكاً مباشراً في استمرار الحصار والمعاناة الإنسانية في غزة، داعيةً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية لوقف الجرائم الإسرائيلية المتصاعدة ضد المدنيين العزّل.

