ودّعت الحياة والدة المختفي قسريًا الشيخ عبد المالك قاسم محمد يادم، بعدما أنهكها الحزن والانتظار طيلة ثماني سنوات كاملة دون أن تعرف مصير ابنها أو تتلقى أي إشارة عن حياته أو وفاته، لتُغادر الدنيا مكسورة القلب، تاركةً وراءها سؤالًا لم يُجب عليه أحد: أين عبد المالك؟

الشيخ عبد المالك قاسم، البالغ من العمر 46 عامًا، يعمل إمامًا وخطيبًا بوزارة الأوقاف، وهو متزوج ولديه ثلاثة أبناء، يُعدّ العائل الوحيد لأسرته.

في 12 أبريل 2017، اعتقلته قوات الأمن من منزله بمحافظة البحيرة، وتحديدًا من قِبل ضباط تابعين لقسم شرطة أبو المطامير، حيث تم اقتياده أمام أسرته إلى القسم، ليختفي بعدها عن الأنظار بشكلٍ كامل.

رغم البلاغات المتكررة التي قدّمتها أسرته إلى الجهات الرسمية والنائب العام، إلا أن السلطات نفت وجوده في أي من مقار الاحتجاز، لتبدأ رحلة طويلة من الصمت الرسمي والعذاب الإنساني الذي امتدّ لثماني سنوات، دون أي معلومة حول مكانه أو حالته.

اليوم، رحلت الأمّ التي لم تهدأ يومًا، ولم تكفّ عن السؤال والرجاء، رحلت وهي تحمل بين ضلوعها أملاً صغيرًا بلقاءٍ مؤجَّل، لم يتحقق في الدنيا.

وبينما أُسدل الستار على حياتها، بقي ملف ابنها مفتوحًا، شاهداً على مأساة آلاف الأسر التي ما زالت تعيش في ظلال الغياب والإخفاء.

مركز الشهاب لحقوق الإنسان نعى الأمّ الراحلة ببيانٍ رسمي، مؤكداً أن ما حدث يمثل وجهاً آخر من وجوه الانتهاك الصارخ الناتج عن جريمة الإخفاء القسري، التي لا تقتصر آثارها على الضحية وحده، بل تمتد لتطال أسرته، وخصوصًا الأمهات اللاتي يفقدن أبناءهن دون وداعٍ أو قبرٍ أو خبر.

وجاء في بيان المركز: “إن استمرار الإخفاء القسري يُعد انتهاكًا فاضحًا للقانون والدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما يمثل عقوبة جماعية للأسرة بأكملها، حيث يعيش ذوو الضحايا في دوامة من القهر والانتظار المستمر حتى يفنى العمر.”

وطالب مركز الشهاب السلطات المصرية بـ:

  • الكشف الفوري عن مصير الشيخ عبد المالك قاسم ومكان احتجازه
  • إخلاء سبيل جميع المختفين قسريًا
  • وقف هذه الممارسات التي تخالف القانون والضمير الإنساني
  • فتح تحقيق موسع وجاد في كل بلاغات الإخفاء القسري المقدمة للنائب العام
  • محاسبة المتورطين في استمرار هذه الانتهاكات

 

بين الغياب والصمت الرسمي

تقول مصادر حقوقية إن عائلة الشيخ عبد المالك طرقت جميع الأبواب، وزارت مئات السجون والأقسام والمقار الأمنية، وقدّمت عشرات البلاغات، لكنّ الردّ ظلّ واحدًا: “غير موجود لدينا”. ط

ذلك الردّ الجاف الذي يُعيد أسر الضحايا إلى نقطة الصفر في رحلة البحث التي لا تنتهي.

https://www.facebook.com/elshehab.ngo/posts/1227064642801314?ref=embed_post