أعلنت كل من ماليزيا والبرازيل دعمهما الرسمي لجنوب أفريقيا في الدعوى المقامة أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي تتهم إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني.
ويأتي هذا الإعلان ليؤكد اتساع دائرة الدول التي تتبنى الموقف القانوني والأخلاقي الرافض لما يجري في غزة، وسط تزايد الضغوط الدولية لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، والتي أودت بإستشهاد عشرات الآلاف من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال.
تحالف دولي جديد ضد الجرائم الإسرائيلية
جاء الموقف الماليزي-البرازيلي في بيان مشترك أصدره رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم والرئيس الجنوب أفريقي ماتاميلا سيريل رامافوزا، خلال زيارة رسمية للأخير إلى كوالالمبور، بالتزامن مع انعقاد القمة السابعة والأربعين لرابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان).
وأكد البيان دعم البلدين الثابت لجنوب أفريقيا في معركتها القانونية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، معتبرين أن ما تشهده غزة يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ومساسًا مباشرًا بالضمير الإنساني العالمي.
وأشار البيان إلى أن الخطوة تأتي "في سياق التزام مشترك بالدفاع عن العدالة الدولية، وحماية الشعب الفلسطيني من سياسة العقاب الجماعي، والحصار الممنهج الذي يتعرض له منذ سنوات".
دعم واضح للحقوق الفلسطينية
وأكد الزعيمان في بيانهما التمسك الراسخ بحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة، وقابلة للحياة، وموحدة الأراضي على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وشددا على أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط لن يكون ممكنًا إلا من خلال حل عادل وشامل ودائم يضمن للشعب الفلسطيني جميع حقوقه المشروعة وفق قرارات الشرعية الدولية.
كما أدانا بشدة الفظائع التي تُرتكب في قطاع غزة، وما وصفاه بـ"الاستخدام المفرط للقوة ضد المدنيين العزل"، داعين إلى تحقيق فوري ودائم وغير مشروط لوقف إطلاق النار، ورفع الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 17 عامًا، والسماح بالتدفق السلس وغير المعرقل للمساعدات الإنسانية إلى السكان المنكوبين.
رسالة إلى المجتمع الدولي
وشددت ماليزيا والبرازيل على أن السكوت عن الجرائم الإسرائيلية يعني التواطؤ، داعيتين المجتمع الدولي، وخاصة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى دعم مساعي جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية لضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين على جرائم الحرب والإبادة.
وأكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أن "الضمير الإنساني لا يمكن أن يقف صامتًا أمام ما يحدث في غزة"، مضيفًا أن بلاده "لن تتراجع عن دعمها للشعب الفلسطيني حتى يتحقق له السلام والحرية والاستقلال الكامل".
من جهته، وصف الرئيس الجنوب أفريقي رامافوزا تضامن البرازيل وماليزيا بأنه "تطور مهم يعزز موقف العدالة الدولية"، مشيرًا إلى أن الدعوى المقامة ضد إسرائيل "ليست موجهة ضد دولة بعينها، بل ضد ممارسات تنتهك أبسط القيم الإنسانية التي تأسست عليها الأمم المتحدة".
تنامي الزخم القانوني والسياسي
وتأتي هذه الخطوة في ظل تنامي موجة الدعم الدولي لجنوب أفريقيا في دعواها، حيث سبق أن أعلنت كل من تركيا، وبلجيكا، وبوليفيا، وناميبيا، وكولومبيا مواقف مماثلة تدعم المسار القانوني لمحاسبة إسرائيل.
ويرى مراقبون أن انضمام دولتين كبيرتين من قارتين مختلفتين – آسيا وأميركا الجنوبية – يعكس تحولًا نوعيًا في موازين الموقف الدولي، بعيدًا عن الهيمنة الغربية التقليدية الداعمة لإسرائيل.
ويؤكد خبراء القانون الدولي أن هذه المواقف الجماعية من شأنها أن تعزز قوة الملف القانوني أمام محكمة العدل الدولية، وتزيد من عزلة إسرائيل على الساحة العالمية، خاصة في ظل استمرار الحرب المدمرة على غزة، وما صاحبها من أدلة موثقة على القتل الجماعي والتجويع المتعمد وتهجير السكان.

