تشهد محافظة دمياط حالة من الغليان الشعبي، إثر الارتفاع المفاجئ في أسعار المحروقات وما تبعه من زيادة كبيرة في تعريفة وسائل النقل العام والخاص، وسط شكاوى متزايدة من المواطنين الذين وصفوا ما يحدث بأنه “استغلال فاضح للظروف الاقتصادية الصعبة” التي تمر بها البلاد.

 

فمنذ الإعلان عن رفع أسعار البنزين والسولار مؤخرًا، ارتفعت أجرة الركوب في عدد من الخطوط الداخلية والخارجية بنسب تراوحت بين 25% إلى أكثر من 50%، في الوقت الذي أكد فيه المواطنون أن الزيادة الرسمية المفترضة لا تتجاوز جنيهات قليلة فقط، إلا أن بعض السائقين ضاعفوها دون مبرر.

 

غضب شعبي واستياء متصاعد


يقول المواطن محمد خليل من أبناء دمياط: “الأسعار ارتفعت جنيهات قليلة في المحروقات، لكن النتيجة كانت كارثية. كل شيء زاد فجأة: المواصلات، المعديات، الخضار، السمك، وحتى أسطوانة الغاز! أصبحنا لا نعرف كيف ندبّر مصاريف يومنا، المواطن يريد أن يصرخ لكن لا أحد يسمعه.”

 

أما محمود عبد الله فيرى أن الزيادات غير منطقية على الإطلاق، قائلاً: “الحكومة قالت إن الزيادة جنيهات بسيطة، لكن السائقين رفعوا الأجرة أضعافًا. رحلة دمياط - القاهرة وصلت إلى 150 جنيهًا، وبورسعيد إلى 45 جنيهًا، وحتى خط رأس البر الجديد بقى بـ 17 جنيهًا! كل واحد بيحسب على مزاجه، واللي يعترض يهدده السائق بالنزول من العربية.”

 

السائقون في وادٍ.. والرقابة في وادٍ آخر

 

وأشار عدد من المواطنين إلى أن بعض السائقين يتجاهلون التعريفة الرسمية الصادرة من إدارة المرور والمحافظة، ويكتفون بتحديد أجرتهم “شفهيًا”، دون وضع أي ملصقات توضح الأسعار الحقيقية كما تنص التعليمات.

 

وقال المواطن إيهاب حسن إن “السائقين يرفعون الأجرة كما يشاؤون مستغلين غياب الرقابة”، مؤكدًا أن أغلبهم لا يلتزم بالتعريفة الرسمية، ولا توجد متابعة جادة من الأجهزة التنفيذية. وأضاف: “كل يوم نسمع تصريحات عن الرقابة وتشديد العقوبات، لكن على أرض الواقع، المواطن هو اللي بيدفع الثمن.”

 

تقسيم الخطوط وتحايل على الركاب

 

ولم تتوقف الأزمة عند رفع الأسعار فقط، بل امتدت إلى تحايل بعض السائقين عبر تقسيم خطوط السير لزيادة عدد الرحلات وبالتالي رفع الأرباح.

 

وتقول المواطنة هبة سعد: “سائقو السرفيس في دمياط اعتادوا تقسيم الخطوط بشكل مبالغ فيه. مثلًا، خط الروضة – الحطاب يتم تقسيمه إلى ثلاث مراحل: من عزبة البرج إلى الحرس، ثم من الحرس إلى المصري، ومنه إلى عزب النهضة، وبذلك يتحول سعر الرحلة من 4.5 جنيهات إلى 13 جنيهًا في المرة الواحدة!”.

 

مطالبات بتدخل عاجل وحازم

 

ويؤكد مواطنو دمياط أن هذه الزيادات المتتالية تضاعف من المعاناة اليومية للأسر، في ظل موجة الغلاء التي طالت كل جوانب الحياة، داعين الجهات الرقابية ومحافظة دمياط ووزارة النقل إلى التحرك الفوري لضبط الوضع.

 

وطالب الأهالي بضرورة إلزام السائقين بالتعريفة الرسمية المعلنة ووضعها بشكل واضح على كل مركبة، مع تغليظ العقوبات على من يثبت استغلاله للمواطنين أو تلاعبه بالأجرة.

 

صرخة مواطن

 

“نحن لا نطلب أكثر من حقنا في التنقل بسعر عادل ومناسب”، بهذه الكلمات اختتم أحد المواطنين حديثه، مضيفًا أن استمرار هذا الوضع دون تدخل حقيقي سيؤدي إلى تفجّر غضب شعبي واسع، لأن النقل هو شريان الحياة اليومي لكل أسرة.

 

وفي ظل الصمت الحكومي والرقابة الغائبة، تبقى أزمة المحروقات وتعريفة النقل في دمياط مثالًا صارخًا على معاناة المواطن بين نار الغلاء واستغلال البعض، في انتظار حل يخفف وطأة الأزمة بدلًا من أن يزيدها اشتعالًا.