أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الأحد، أن سلاح الجو الإسرائيلي شن غارات مكثفة على مناطق متفرقة من رفح جنوبي القطاع وجباليا شماله، عقب ما وصفته بـ"اشتباك خطير" بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين فلسطينيين يُعتقد أنهم ينتمون لفصائل المقاومة.

 

وأفادت القناة الـ12 العبرية بأن الغارات جاءت بعد تمكن عناصر من المقاومة من الوصول إلى المكان الذي يُعتقد أن ياسر أبو شباب، أحد القادة الميدانيين للمليشيات المتحالفة مع الاحتلال، يختبئ فيه، ما دفع الطيران الإسرائيلي للتدخل بشكل عاجل "لحمايته وإنقاذ وحدته من كمين محتمل".

 

وأشارت التقارير العبرية إلى أن القوات الجوية قصفت مواقع في رفح لتأمين عملية الانسحاب وإخلاء القوات الميدانية، فيما أعلنت القناة الـ14 أن الهجمات جاءت "ردًا على خرق وقف إطلاق النار" من قبل من وصفتهم بـ"المسلحين الفلسطينيين".

 

اجتماع أمني عاجل في تل أبيب


في غضون ذلك، أكدت مصادر عبرية أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد اجتماعًا طارئًا مع وزير الدفاع ومسؤولين أمنيين رفيعي المستوى لتقييم الموقف في غزة والبحث في سبل الرد.

 

وقالت وسائل إعلام عبرية إن نتنياهو غادر جلسة الحكومة فجأة بعد ورود تقارير عن الاشتباك في رفح، فيما طالب الوزيران إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بإصدار أوامر فورية باستئناف الحرب الشاملة ضد قطاع غزة.

 

وقال بن غفير إن "الأوهام حول إمكانية التوصل إلى سلام مع حماس تشكل خطرًا وجوديًا على إسرائيل"، داعيًا إلى "الرد بكل قوة على كل خرق أو إطلاق نار".


أما زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، فصرّح بأن "الشرق الأوسط لا يفهم إلا لغة القوة، وحماس تجاوزت الخطوط الحمراء لأن الحكومة سمحت بذلك".

 

ضحايا فلسطينيون في جباليا والزوايدة


في الأثناء، أعلنت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن طائرات الاحتلال شنت سلسلة غارات على مناطق شرقي جباليا شمال قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد فلسطينيين اثنين وإصابة عدد من المدنيين بجروح مختلفة.

 

كما أفادت مصادر طبية بأن طواقم الإسعاف لم تتمكن من الوصول إلى بعض المواقع بسبب كثافة القصف وخطورة الأوضاع الميدانية.

 

وفي قصف آخر استهدف تجمعًا للمواطنين في بلدة الزوايدة وسط القطاع، استشهد فلسطينيان وأصيب آخرون في ما وصفته وزارة الصحة بأنه "خرق جديد وخطير لاتفاق وقف إطلاق النار".

 

وأكدت الوزارة أن حصيلة الشهداء خلال الساعات الـ24 الماضية ارتفعت إلى 18 شهيدًا و3 مصابين، بينهم عشرة تم انتشالهم من تحت الأنقاض إثر قصف سابق وثمانية في استهدافات مباشرة.

 

وبذلك، يرتفع إجمالي عدد الضحايا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023 إلى 68,159 شهيدًا و170,203 مصابًا.

 

الخط الأصفر: حدود النار الجديدة


في موازاة التصعيد، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم بترسيم ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، وهو خط الانسحاب الذي تم تحديده بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير.


ونشرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل صورًا تُظهر كتلًا خرسانية مطلية باللون الأصفر وعلامات معدنية يتم تثبيتها على طول حدود السيطرة الجديدة.

 

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن هذه العلامات "تحذير مباشر لكل من عناصر حماس وسكان غزة بأن أي اقتراب من الخط سيُقابل بإطلاق النار"، مؤكدا أن الجيش سيعتبر "أي تحرك خارجه عملاً عدائيًا يستوجب الرد الفوري".

 

حماس تنفي وتؤكد التزامها بالاتفاق


من جانبها، نفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أي علاقة لها بالأحداث التي جرت في رفح، مؤكدة التزامها الكامل بما تم الاتفاق عليه في إطار وقف إطلاق النار.

 

وقالت القسام في بيانها: "نؤكد أننا ملتزمون بوقف إطلاق النار في جميع مناطق القطاع، ولا علم لنا بأي مواجهات أو عمليات في رفح، فهي مناطق حمراء تخضع لسيطرة الاحتلال منذ عودة الحرب في مارس الماضي".

 

وأضاف البيان أن الاتصال مقطوع مع بعض المجموعات التي كانت ترابط في تلك المنطقة منذ شهور، ولا يمكن التأكد من وضعها الحالي "إن كانت استشهدت أم لا تزال على قيد الحياة".

 

اتفاق هش وسط تبادل الاتهامات


وكانت حركة حماس وإسرائيل قد توصلتا في التاسع من أكتوبر الجاري إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بوساطة أميركية ومصرية وقطرية، استنادًا إلى مبادرة قدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

 

وتضمنت المرحلة الأولى من الاتفاق انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى داخل "الخط الأصفر" والإفراج عن الأسرى من الجانبين.


غير أن اشتباكات رفح الأخيرة تضع الاتفاق في مهب الريح، في ظل تصاعد دعوات اليمين الإسرائيلي لاستئناف الحرب، واستمرار سقوط الضحايا المدنيين في غزة.