في مشهد يفوق الخيال، وتفاصيل تُجمد الدم في العروق، اهتزّت محافظة الإسماعيلية على وقع جريمة مروّعة بطلها طفل في الثالثة عشرة من عمره، أقدم على قتل صديقه البالغ 12 عامًا، ثم قطّع جثته بمنشار كهربائي متأثرًا بمشاهد فيلم أجنبي عنيف.
الجريمة التي أعادت للأذهان حوادث أفلام الرعب لم تقع في شاشة عرض، بل داخل منزلٍ هادئ بمنطقة المحطة الجديدة في مدينة الإسماعيلية.
البداية: طفل خرج من مدرسته ولم يعد
في صباح يوم الأحد 12 أكتوبر، خرج الطفل محمد أحمد محمد من مدرسته الابتدائية كعادته، بابتسامة بريئة وحقيبة صغيرة على ظهره.
لكن الساعات التالية تحولت إلى كابوس لعائلته، بعدما تأخر في العودة إلى المنزل، ولم تُجب مكالماته.
مع حلول المساء، توجه والده إلى قسم شرطة الإسماعيلية لتحرير بلاغ بتغيّب ابنه، بينما حاولت الأم التمسك بأمل أن يعود في أية لحظة، دون أن تدري أن ابنها لن يعود أبدًا.
التحريات تكشف الصدمة الأولى
بدأت التحريات بفحص كاميرات المراقبة حول المدرسة والشوارع المجاورة، لتكشف مفاجأة صادمة: الطفل محمد شوهد للمرة الأخيرة بصحبة زميله يوسف أيمن (13 عامًا)، وهما يسيران سويًا نحو منزل يوسف في منطقة المحطة الجديدة، حيث اختفت آثار محمد بعدها مباشرة.
خيوط الجريمة تبدأ في الانكشاف
مع استدعاء يوسف وسؤاله، أنكر في البداية أي علاقة باختفاء صديقه، مدعيًا أنه افترق عنه قرب أحد المطاعم.
لكن مراجعة الكاميرات كشفت كذبه، وبدأت الشكوك تتزايد حين رصدت الكاميرات يوسف وهو يغادر منزله أكثر من مرة في اليوم التالي، حاملًا أكياسًا سوداء كبيرة.
وبعد تقنين الإجراءات، داهمت قوات الأمن منزله، لتعثر على ملاءة مفروشة بالدماء وكاب يخص المجني عليه، لتتحول القضية رسميًا من تغيب طفل إلى جريمة قتل بشعة.
اعترافات تقشعر لها الأبدان
أمام سيل الأدلة، انهار الطفل يوسف واعترف بجريمته في مشهد يقطّع القلوب. قال إن مشادة كلامية نشبت بينه وبين صديقه أثناء وجودهما في المنزل، وإن الأخير اعتدى عليه بـ"كاتر"، فما كان منه إلا أن أمسك "شاكوش" وضربه على رأسه أكثر من مرة حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
ثم روى تفاصيل لا يتخيلها عقل: بعد أن تأكد من وفاته، استخدم منشارًا كهربائيًا يخص والده (النجار) في تقطيع الجثة إلى ستة أجزاء، ووضعها داخل أكياس سوداء ألقاها على فترات متفرقة بجوار بحيرة كارفور ومبنى مهجور بالمنطقة.
وفي مشهد أثار فزع المحققين، اعترف الطفل بأنه تذوّق جزءًا من لحم صديقه قائلًا: «طعمه زي البانيه»!
تأثر بفيلم دموي وحياة أسرية مأساوية
لم يكن للطفل دافع للسرقة أو الانتقام، بل قال في اعترافاته إنه تأثر بأحد الأفلام الأجنبية العنيفة بعنوان “ديكستر”، الذي يدور حول قاتل متسلسل يقطع ضحاياه بنفس الطريقة.
التحريات كشفت كذلك أن يوسف يعيش حياة أسرية مضطربة؛ والده كثير الغياب بسبب عمله، ووالدته منفصلة ومتزوجة من رجل آخر ولا ترعاه، ما تركه وحيدًا في منزل يملؤه الصمت والوحدة، وسط إدمانه لمقاطع العنف على الإنترنت دون رقابة.
تمثيل الجريمة والمشهد الأخير
بقرار من النيابة العامة، أُعيد تمثيل الجريمة داخل المنزل وسط حضور فريق من المحققين، في مشهد قاسٍ أعاد تفاصيل المأساة بكل بشاعتها.
وأمرت النيابة بعرض الطفل المتهم على الطب النفسي للتأكد من سلامة قواه العقلية، بعد أن بدا في حالة انفصال تام عن الواقع أثناء التحقيقات.
في الوقت نفسه، عُثر على الأشلاء في أماكن متفرقة، ونُقل ما تبقى من الجثمان إلى ثلاجة مستشفى الجامعة بالإسماعيلية تحت تصرف النيابة العامة التي واصلت تحقيقاتها في القضية التي هزّت الرأي العام.
أهالي الإسماعيلية بين الصدمة والذهول
خارج مسرح الجريمة، ساد الحي حالة من الذهول. لم يصدق أحد أن طفلًا يمكن أن يتحول إلى قاتل بهذه الوحشية.
قال أحد الجيران: «يوسف كان هادي وبيضحك دايمًا.. محدش كان يتخيل اللي حصل!»
بينما لم تتمالك والدة الضحية نفسها، مرددةً بصوت مبحوح: «ابني ماعملش حد حاجة.. كان طيب وبيخاف من الضلمة».
نهاية مؤلمة وأسئلة مفتوحة
جريمة طفل الإسماعيلية لم تُنهِ حياة طفل واحد فحسب، بل فتحت جرحًا في الضمير الإنساني. كيف وصل صبيٌّ في سن الثالثة عشرة إلى هذا القدر من العنف؟
هل تتحمل الأسرة وحدها المسؤولية؟ أم أن غياب الرقابة المجتمعية والإفراط في المحتوى العنيف عبر الإنترنت جزء من الكارثة؟
أسئلة كثيرة تفرض نفسها على المجتمع بأسره، بينما تظل الحقيقة المؤلمة أن البراءة لم تعد كما كانت، وأن “فيلم الرعب” الذي تأثر به الطفل لم ينتهِ بمشهد النهاية… بل بدأ على أرض الواقع.