تعيش أسرة الطالب يوسف إبراهيم السيد عبد السميع، البالغ من العمر 19 عامًا، حالة من القلق والرعب منذ ما يقارب الشهرين، بعد اختفائه قسرًا عقب اعتقاله تعسفيًا على يد قوات الأمن الوطني بمحافظة الشرقية، دون أي سند قانوني أو توجيه تهم رسمية إليه.

الطالب، الذي كان يحلم ببدء عامه الجامعي الأول بعد نجاحه في الثانوية الأزهرية، تحول بين ليلة وضحاها إلى رقم جديد في قائمة ضحايا الإخفاء القسري بمصر، وسط صمت رسمي يفاقم معاناة أسرته التي لا تعرف عنه شيئًا منذ 53 يومًا.
 

مداهمة ليلية واقتحام متكرر
وفقًا لما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وشهادات الجيران وأفراد الأسرة، فقد داهمت قوة من الأمن الوطني مساء الأحد 24 أغسطس الماضي منزل الأسرة الكائن بقرية المساعدة الصغيرة التابعة لمركز ههيا بمحافظة الشرقية.
القوة – التي لم تُبرز أي إذن قضائي – قامت باعتقال يوسف من داخل منزله، واقتادته إلى جهة غير معلومة، دون الإفصاح عن سبب الاعتقال أو وجهة نقله.

وفي مساء اليوم ذاته، عادت القوة الأمنية نفسها لاقتحام المنزل مرة أخرى، وفتشته بشكل دقيق، بحثًا عن أشياء لم يتم توضيحها، لكنها غادرت دون العثور على أي ممنوعات أو أوراق مثيرة للشبهة.

منذ ذلك اليوم، لم تتلق الأسرة أي اتصال أو إخطار رسمي من أي جهة أمنية أو قضائية يفيد بمكان احتجاز يوسف أو حالته الصحية، رغم البلاغات المتكررة التي تقدمت بها إلى الجهات المعنية، بما في ذلك مكتب النائب العام ووزارة الداخلية.
 

 

صرخات واستغاثة أسرة تبحث عن ابنها
في حديثها للشبكة المصرية، عبّرت أسرة يوسف عن ألمها العميق، قائلة بمرارة: “إحنا بنموت والله، عاوزين نعرف هو فين وليه اعتقلوه؟ إحنا عايشين في رعب.”

وتضيف والدة يوسف، التي لا تفارقها دموعها منذ الحادثة، أن نجلها “شاب خلوق، هادئ الطباع، لا ينتمي لأي تيار سياسي، ولا يشارك في أي نشاط عام”.
وتابعت قائلة: “يوسف كان نفسه يدخل الكلية الحربية، وراح فعلاً يقدم للاختبارات، لكنه انسحب بسبب ظروفه الصحية. حتى موبايل ما عندوش، كان بيتكلم من تليفوني.”

وتقول والدته بحرقة: “ابني ملوش ذنب، كل اللي عايزينه نطمن عليه.. هو لسه طفل، حياته ومستقبله راحوا!”.

الأسرة المكلومة فقدت عائلها منذ سنوات، وكانت ترى في يوسف الأمل الوحيد الذي سيحمل عنها أعباء الحياة، لكن حلمها انهار بعدما تم اعتقاله دون سبب.
 

صمت رسمي وتجاهل للبلاغات
ورغم مرور أكثر من 53 يومًا على الواقعة، لم تتلق الأسرة أي رد على البلاغات المقدمة، فيما ترفض الجهات الأمنية الاعتراف بوجود يوسف في أي من مقارها.
محامون تابعون للشبكة المصرية يؤكدون أن ما حدث يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور المصري والقوانين الدولية، لاسيما المواد التي تجرّم الاحتجاز غير القانوني والإخفاء القسري.

ويشيرون إلى أن استمرار احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي “يُعد جريمة مركّبة، تستوجب فتح تحقيق عاجل ومحاسبة المتورطين فيها”.
 

يوسف.. حلم الجامعة الذي تحوّل إلى كابوس
كان يوسف قد أنهى دراسته الثانوية الأزهرية مؤخرًا بتفوق، وكان يستعد لتقديم أوراقه للالتحاق بكليات جامعة الأزهر، إلا أن اعتقاله المفاجئ حطم آمال الأسرة، التي أصبحت لا تفكر سوى في نجاته وعودته سالمًا.

“مستقبله ضاع، وكل يوم بيمر بنحس إننا بنفقده أكتر” – يقول شقيقه الأكبر، مضيفًا: “إحنا مش عايزين غير حقه في الحرية.”
 

منظمات حقوقية: أوقفوا الإخفاء القسري
في بيان صدر مؤخرًا، طالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان النائب العام المصري ووزير الداخلية بالتدخل الفوري والعاجل من أجل:

  • الكشف عن مكان احتجاز الطالب يوسف إبراهيم.
  • تمكين أسرته ومحاميه من زيارته.
  • الإفراج الفوري عنه إذا لم تثبت عليه أي تهمة.
  • محاسبة المسؤولين عن واقعة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري.

وأكدت الشبكة أن مثل هذه الانتهاكات تمثل “خرقًا واضحًا للمادة (54) من الدستور التي تنص على أن الحرية الشخصية حق طبيعي لا يجوز المساس به، ولا يُقبض على أحد أو يُحبس إلا بأمر قضائي مسبب”، إضافة إلى مخالفتها للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها مصر، وفي مقدمتها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.