في أعقاب ارتفاع منسوب المياه ببحيرة ناصر، عقب الفيضانات التي تعرض لها السودان مؤخرًا، والمياه القادمة من السد الإثيوبي، لجأت مصر إلى فتح مفيض توشكى لتصريف المياه الزائدة، تفاديًا لأية أضرار محتملة جراء ما وصفته بالتصرف غير المنضبط في إدارة سد النهضة، تسببت في تصريف كميات كبيرة من المياه بشكل مفاجئ نحو دولتي المصب.

 

وتعمل مصر على تطوير "قناة ومفيض توشكى" لمواجهة "فيضانات محتملة"، ورفع الكفاءة والقدرة التصريفية لمياه الأمطار، ضمن خطة خطة تطوير شاملة للمنظومة المائية خلال الوقت الحالي، من أجل تطوير منظومة التشغيل وتحديثها ورفع القدرة التصريفية للقناة والمفيض، بهدف "تعزيز كفاءة إدارة المياه، والحفاظ على أمان السد العالي واستقرار تشغيله"، وفق ما أفادت وزارة الموارد المائية والري.

 

ما هو مفيض توشكى؟

خلال مواسم الفيضانات المرتفعة، تلجأ مصر إلى تصريف المياه الزائدة ببحيرة ناصر في منخفض توشكى، الواقع جنوب الصحراء الغربية، بهدف حماية السد العالي من الفيضانات المرتفعة، وذلك عن طريق قناة المفيض التي حُفرت بداية من خور توشكى المتفرع من بحيرة ناصر، مرورًا بوادي توشكى بالصحراء الغربية، حتى تتصل بالمنخفض في نقطة اتصال تسمى هدارات أو شلالات أو مفيض توشكى، وهو ما أدى تبعًا إلى تشكل بحيرات توشكى بسبب انحسار فائض مياه النيل بالمنخفض.

 

وفي عام 1998، شهدت إثيوبيا فيضانات مفاجئة وفيضانات نهرية واسعة النطاق. وشكلت ضغطًا على نهر النيل ووضعت خطة السيطرة على الفيضانات في السد العالي على المحك. ولأول مرة، وصل الخزان الضخم إلى أعلى مستوى له وهو 183 مترًا فوق مستوى سطح البحر في سبتمبر.

 

وبدأ إطلاق المياه الزائدة من بحيرة ناصر عن طريق الفيضان في تجويف في الطرف الجنوبي من هضبة الحجر الجيري الإيوسيني. وخلال شهري سبتمبر وأكتوبر، استقبل الحوض ما بين 32 و98 مليون متر مكعب من المياه يوميًا.

 

وبدأ رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية في ملاحظة أول بحيرة شرقية تنمو في نوفمبر 1998. وبحلول أواخر عام 1999، تشكلت ثلاث بحيرات إضافية على التوالي غربًا، وبدأت البحيرة الغربية في التشكل في الفترة ما بين سبتمبر 2000 ومارس 2001.

 

انخفاض بحيرات توشكى

ويقُدر أن مساحة بحيرات توشكى الإجمالية تبلغ حوالي 1300 كيلومتر مربع (502 ميل مربع). انخفضت مستويات البحيرات في عام 2006 مقارنةً بعام 2001، وتشكلت مساحات من الأراضي الرطبة والكثبان الرملية بين الشاطئين السابق والحالي.

 

وجفت بحيرة صغيرة تقع أسفل البحيرات الثلاث الكبرى تمامًا. ويتراوح منسوب البحيرات بين 175 مترًا (574 قدمًا) في أقربها إلى بحيرة ناصر، و144 مترًا (472 قدمًا) في أبعدها باتجاه المصب.

 

وانخفضت كمية المياه المخزنة بنسبة 50 بالمائة. بحلول يونيو 2012، لم تملأ المياه سوى الأجزاء السفلية من الأحواض الرئيسة الغربية والشرقية، مغطيةً مساحةً قدرها 307 كيلومترات مربعة، بانخفاض قدره 80 بالمائة مقارنةً بعام 2002.

 

أما الحوض الأوسط، فقد أصبح شبه خالٍ من المياه، بينما جفت معظم البحيرات المتبقية بسبب انخفاض تدفق النهر. وبحلول عامي 2017 و2018، جفت البحيرات تقريبًا، ولم يتبقَّ سوى بقايا مياه ضئيلة في الأحواض الغربية.

 

ارتفاع منسوب بحيرات توشكى

بدأ هذا الاتجاه بالانعكاس في عام 2019، عندما أدت أمطار الصيف الغزيرة في السودان إلى ارتفاع منسوب المياه في بحيرة ناصر، التي بدأت تملأ أيضًا بحيرات توشكى.

 

واستمرت على هذا المنوال في عام 2020، حيث تسببت فيضانات قياسية في تسجيل أعلى منسوب مياه مسجل على الإطلاق في بحيرة ناصر. واقتربت الفيضانات السودانية من مستويات قياسية مرة أخرى في عام 2021.

 

وبسبب فيضانات السودان عام 2022، اقتربت بحيرة ناصر من مستويات قياسية مرة أخرى، مما تسبب في ملء بحيرات توشكى بسرعة. وأدى ملء بحيرات توشكى في عام 2022 إلى أعلى منسوب مياه تم تسجيله على الإطلاق في المنطقة، وأدى إلى تكوين بحيرات جديدة في المنخفضات الواقعة إلى الشمال والجنوب من الحوض الشرقي.

 

زادت المساحة التي تغطيها البحيرات الأصلية بشكل كبير عن المستويات التي شوهدت في عام 2001، حيث اكتسبت 3 بحيرات أخرى على الجانب الشرقي.

 

مشروع توشكى

كان لهذه الزيادة في منسوب المياه تأثير كبير على المناطق الزراعية في المنطقة، والتي نمت بشكل كبير بسبب وفرة المياه. ونتيجة لذلك، استفاد مشروع توشكى الزراعي بشكل كبير من زيادة إمدادات المياه، وتحسن اقتصاد المنطقة بفضل النمو في الصناعة الزراعية.

 

وساعد وجود منخفض توشكى على إنشاء مشروع توشكى الزراعي الذي يتكون بشكل رئيس من قناة الشيخ زايد التي تبدأ من محطة طلمبات مبارك لرفع المياه من خور بحيرة ناصر إلى القناة بهدف استصلاح آلاف الأفدنة وتنمية منطقة جنوب الوادي.

 

بحلول أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شهدت منطقة توشكى زيادة في النشاط الزراعي، حيث استخدم المزارعون مياه بحيرة توشكى ومضخات بحيرة ناصر للأغراض الزراعية.

 

وشهدت المنطقة نموًا اقتصاديًا نتيجة لزيادة النشاط الزراعي، وتم بناء مدينة جديدة لدعم مشروع توشكى الزراعي الواقع شمال شرق قناة الشيخ زايد.