تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عملياتها البرية والجوية المكثفة على مختلف مناطق قطاع غزة، مع بداية العام الثالث من اندلاع الحرب في وقتٍ تتواصل فيه المفاوضات غير المباشرة في مدينة شرم الشيخ المصرية، بمشاركة أطراف إقليمية ودولية، بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس.
 

روبوتات متفجرة ومنازل مدمّرة
وشهدت مدينة غزة خلال الساعات الماضية قصفًا عنيفًا تركز في أحياء الصبرة وتل الهوا والرمال الجنوبي، حيث واصلت الطائرات الحربية تحليقها على ارتفاعات منخفضة من شمال القطاع إلى جنوبه، فيما أفاد شهود عيان لـ"المنصة" بأن آليات الاحتلال زرعت "روبوتات متفجرة" في مناطق مكتظة بالسكان شمال حي الصبرة، لتفجيرها لاحقًا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية.
 

مئات الآلاف محاصرون في قلب المدينة
وقال أحد الشهود إن الجرافات العسكرية رافقت الآليات في عمليات التوغل، وفجّرت عشرات المنازل خلال ساعات الفجر، في وقتٍ يعيش فيه أكثر من 300 ألف فلسطيني محاصرين في قلب مدينة غزة تحت القصف والتجويع.
وأكد شاهد ثانٍ أن الاحتلال زرع متفجرات في أحياء لم يصلها من قبل، رغم إعلانه الانتقال إلى "مرحلة الدفاع" قبل أيام، مشيرًا إلى حالة الهلع التي تسود بين المدنيين الذين ينتظرون انسحاب القوات للفرار من منازلهم قبل تفجيرها.
 

قصف قرب خيام النازحين
وفي حي الشجاعية والبلدة القديمة، قصفت المدفعية الإسرائيلية مناطق قريبة من خيام النازحين، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين نُقلوا إلى مستشفى المعمداني، وفق ما أفاد مصدر طبي.
كما استهدفت الغارات الإسرائيلية مبانٍ سكنية في تل الهوا والرمال، حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة، وسط صعوبة في الوصول إلى المناطق المستهدفة التي يصنفها الجيش الإسرائيلي "مناطق عسكرية مغلقة".
 

الجنوب تحت النار
وفي جنوب القطاع، طالت القذائف الإسرائيلية أحياء الأمل وجورة العقاد ومنطقة الكتيبة في مدينة خان يونس، بينما أفاد مصدر صحفي من مجمع ناصر الطبي بأن القصف المستمر يجعل الوصول إلى الجرحى مهمة شديدة الخطورة.
 

أزمة غذاء ومجاعة وشيكة
ومع تصاعد العمليات العسكرية، تتفاقم الأوضاع الإنسانية في قلب المدينة المحاصرة، حيث اشتكى المواطنون من نقص حاد في المواد الغذائية وغياب الخضروات من الأسواق، وارتفاع كبير في الأسعار.

وقال المواطن سعيد فتوح (44 عامًا) إن "أسعار الطعام تضاعفت، والكميات المتوفرة محدودة، لم نعد قادرين على شراء احتياجاتنا اليومية".
وأكد آخر، ممدوح حمامة (35 عامًا)، أن الأسواق باتت تقتصر على القليل من الطحين والمعلبات بأسعار مرتفعة، مضيفًا: "نعيش على الفول والمكرونة، ولا نعرف كيف سنصمد أكثر".
 

مفاوضات شرم الشيخ: أجواء تفاؤل حذر
تأتي هذه التطورات الميدانية فيما تستمر المفاوضات غير المباشرة في مدينة شرم الشيخ، بمشاركة وفود من حركة "حماس" وإسرائيل، بحضور وسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة وتركيا.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة، طاهر النونو، إن جلسات التفاوض ركزت على آليات تنفيذ وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، إضافة إلى تبادل الأسرى بين الجانبين.
 

تقدم محدود وتبادل قوائم الأسرى
وأكد النونو أن "الوسطاء يبذلون جهودًا كبيرة لإزالة العقبات أمام الاتفاق"، مشيرًا إلى أن أجواءً من التفاؤل تسود الاجتماعات، وأن وفد "حماس" أبدى "الإيجابية والمسؤولية اللازمة لإحراز تقدم ملموس".
وأفادت الحركة، صباح الأربعاء، بأنه جرى تبادل قوائم الأسرى المطلوب إطلاق سراحهم وفق المعايير والأعداد المتفق عليها، في خطوة وُصفت بأنها "تقدم مهم" على طريق إتمام الصفقة.
 

شخصيات بارزة تنضم إلى المباحثات
ومن المقرر أن تنضم إلى المباحثات، الأربعاء، شخصيات بارزة بينها رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب جاريد كوشنر، ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات التركية إبراهيم كالين.
 

ترامب: "فرصة حقيقية للسلام"
وقال ترمب، في تصريحات من البيت الأبيض، إن هناك "فرصة حقيقية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام في الشرق الأوسط"، مؤكّدًا أن بلاده ستضمن التزام الطرفين بأي اتفاق يتم التوصل إليه.
 

ضغوط دولية واتهامات بالإبادة
وتأتي هذه الجهود في ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لإنهاء الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني وإصابة ما يزيد على 169 ألفًا، وفق وزارة الصحة في غزة.
وقد حذّرت الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة في شمال القطاع، بينما اتهمت لجنة تحقيق أممية إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية"، في وقتٍ تتهم فيه منظمات حقوقية الطرفين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.