ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء السبت مجزرة مروعة جديدة في حي التفاح شرق مدينة غزة، بعد استهداف منزل مأهول بالمدنيين في شارع النفق، ما أسفر عن مقتل 17 فلسطينيًا، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 30 آخرين، رغم إعلان إسرائيل استعدادها لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة.
الضربة الجوية التي نُفذت دون تحذير مسبق، حولت المنزل المكون من عدة طوابق إلى كومة من الركام، ودفنت العائلات تحت الأنقاض، بحسب مصدر في الدفاع المدني الفلسطيني، الذي أكد أن فرق الإنقاذ استخدمت أدوات بسيطة لانتشال الضحايا في ظل غياب المعدات الثقيلة بسبب استمرار الحصار. وأوضح المصدر أن أكثر من 15 جثمانًا لا تزال تحت الأنقاض حتى اللحظة.
مستشفيات عاجزة وضحايا بالعشرات
في مستشفى المعمداني الذي استقبل العدد الأكبر من الضحايا، أكد مصدر طبي أن المستشفى اضطر إلى تحويل عدد من الجرحى إلى مستشفيات أخرى لعدم قدرته الاستيعابية، مشيرًا إلى أن الاحتلال استهدف خلال الساعات نفسها عددًا من المنازل وخيام النازحين شرق المدينة، ما فاقم من أعداد المصابين.
ووفق وزارة الصحة في غزة، استقبلت مستشفيات القطاع يوم السبت 70 ضحية، بينهم 47 قتلوا في مدينة غزة وحدها، و4 في وسط القطاع، و19 في خانيونس جنوبًا، في ظل تواصل القصف الجوي والمدفعي على مختلف المناطق.
استمرار الحصار ومنع عمليات الإنقاذ
أكد مصدر صحفي من غزة أن جيش الاحتلال يواصل تمركزه في محاور التقدم شمال وجنوب المدينة، مع استمرار القصف المدفعي وإطلاق النار على كل من يحاول الاقتراب من المناطق التي يسيطر عليها، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال منعت طواقم الإسعاف والصحفيين من دخول غالبية الأحياء المتضررة.
وقال المصدر إن عشرات المواطنين أصيبوا أثناء محاولتهم الوصول إلى منازلهم المدمرة أو مساعدة الجرحى، مضيفًا أن طواقم الإسعاف تمكنت من إجلاء بعض المصابين تحت النار، بينما لا يزال آخرون عالقين دون قدرة على الحركة، خصوصًا في حي النصر شمال غرب المدينة.
قصف متواصل في الجنوب واستهداف للنازحين
في خانيونس، واصل الاحتلال قصف مناطق المواصي التي تضم آلاف النازحين، ما تسبب في سقوط مزيد من الضحايا، كما استهدف مجموعة لتأمين البضائع الواردة عبر معبر كرم أبو سالم، مما أدى إلى مقتل أربعة من عناصر شركات الأمن الفلسطينية.
وأوضح مصدر طبي في مجمع ناصر الطبي أن الوضع الإنساني في الجنوب بات كارثيًا، وسط نقص حاد في الإمدادات الطبية وازدياد عدد الجرحى والمصابين الذين يفترشون الأرض في ممرات المستشفيات.
تصعيد ميداني رغم خطة “ترامب”
المفارقة أن المجزرة جاءت بعد ساعات من إعلان إسرائيل استعدادها للتنفيذ الفوري للمرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب، التي يفترض أن تتضمن وقفًا تدريجيًا لإطلاق النار وانسحابًا جزئيًا من بعض المناطق. لكن القصف المتواصل على الأحياء المدنية في غزة أظهر أن الاحتلال لا يزال يواصل نهجه العسكري دون أي التزام حقيقي ببنود الخطة.
حصيلة ثقيلة وعدوان مستمر
منذ السابع من أكتوبر 2023، يواصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، مرتكبًا مئات المجازر بحق المدنيين. ووفق وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 66 ألف فلسطيني، فيما تجاوز عدد الجرحى 168 ألفًا، بينهم آلاف الأطفال والنساء. كما توفي أكثر من 453 فلسطينيًا بسبب الجوع والمجاعة، بينهم 150 طفلًا، نتيجة الحصار المشدد على القطاع.
المشهد في غزة، بعد عام من الحرب، يكشف أن الدم لا يزال هو العنوان الأبرز، وأن الخطط السياسية الأمريكية والإسرائيلية لم تعد سوى غطاء لمزيد من القتل والدمار، في ظل صمت دولي متواطئ وعجز المنظمات الأممية عن فرض أي التزامات حقيقية على الاحتلال لوقف جرائمه ضد المدنيين.