تعرضت قرية دلهمو التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية في شمال مصر لغرق عدد من المنازل ومئات الأفدنة الزراعية إثر ارتفاع ملحوظ في منسوب مياه نهر النيل وطرح أراضي النهر.

هذا الحدث أثار جدلاً واسعاً بين اتهامات متبادلة بين الحكومة المصرية وإثيوبيا بشأن مسؤولية الفيضانات، مع توثيق أرقام وأحداث تدل على سوء إدارة الأزمة من جهة مصر، إلى جانب تأثيرات السد العالي وسد النهضة الإثيوبي.
 

غرق منازل وأراضي طرح النهر في المنوفية
غمرت مياه نهر النيل أكثر من 1124 فدانًا من أراضي طرح النهر في مراكز أشمون ومنوف والشهداء بالسهل الدلتاوي، إذ تقع هذه الأراضي في مناطق منخفضة على حواف الفرعين الغربي والشرقي للنهر وتعتبر معرضة للغمر خلال موسم الفيضان خاصة عند ارتفاع التصريف.

شهدت قرية دلهمو غرق عشرات المنازل، وأجبر السكان على الانتقال إلى قوارب للتنقل وسط معاناة كبيرة بسبب تراكم المياه في المنازل والحقول، مما يؤكد حجم الكارثة التي حلت بالمواطنين.
 

تقصير الحكومة في إدارة الأزمة
الحكومة اعتبرت الأراضي المغمورة تقع على أراضي طرح النهر التي يمنع البناء عليها قانونياً، وأصدرت تحذيرات لإخلاء هذه المناطق، لكنها لم توفر بدائل سكنية أو تعويضات كافية للمتضررين، مما أثار انتقادات واسعة لتهاونها في الحماية والإدارة.

وزارة الري وصفت ارتفاع منسوب المياه بأنه ظاهرة طبيعية متكررة، لكن الوضع تصاعد إلى أزمة بسبب عدم تفعيل خطط التصريف المُعدة منذ سنوات والتقاعس عن اتخاذ إجراءات وقائية فاعلة.
كما فتح السد العالي بواباته لتصريف المياه عند ارتفاع مستويات البحيرة تحسباً لفيضانات أكبر، لكن البطء في التنسيق الأمني واللوجستي أدى إلى تفاقم الأضرار.
 

دور سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على تدفق المياه
تُحمّل مصر وأطراف رسمية إثيوبيا مسؤولية الفيضانات بسبب ممارساتها الأحادية في إدارة سد النهضة، ومنها تخزين كميات كبيرة من المياه في أوقات غير ملائمة، وتقليل التصريف من السد بشكل مفاجئ خلال سبتمبر 2025.
إذ بلغت التخزين 74 مليار متر مكعب من المياه رغم عدم وجود اتفاق قانوني ملزم لإدارة السد. هذا التصرف أدى إلى اضطراب في انسياب المياه وزيادة منسوبها في الجانب المصري مما ساهم في حدوث فيضانات مفاجئة.

الحكومة المصرية أكدت أن هذه التصرفات مخالفة للقانون الدولي وتهدد الأمن المائي المصري، على رغم وجود خطط لإدارة المياه في السد العالي واستغلال بحيرة ناصر للحد من مخاطر الفيضان، إلا أن عمليات التنسيق والتصرف كانت غير كافية في مواجهة التدفق الكبير غير المتوقع.
 

الأرقام والبيانات المهمة
بلغت مساحة الأراضي المغمورة في المنوفية وحدها نحو 1124 فدانا زراعيا، مع غمر عشرات المنازل في قرى أخرى مجاورة.

أظهرت بيانات مصرية أن فيضان عام 2025 يزيد بنسبة 25% عن المتوسط السنوي، مع تسجيل ذروة فيضان أعلى من الأعوام السابقة، مما استوجب فتح بوابات السد العالي.
تخزين سد النهضة وصل إلى 74 مليار متر مكعب رغم عدم الاتفاق، مع تقليص التصريف إلى ما دون 110 ملايين متر مكعب يومياً في سبتمبر، مما خلق اضطرابات كبيرة في النهر.

تقع المسؤولية بشكل رئيسي على الحكومة بسبب التراخي في تطبيق خطط الحماية والتصريف والإدارة الفعالة لمستوى مياه النيل على أراضي طرح النهر، رغم وجود الإمكانيات كالتحكم في فتح بوابات السد العالي وخطط تصريف المياه.
في الوقت نفسه، تحمل إثيوبيا جزءاً من المسؤولية بسبب تصرفاتها الأحادية في إدارة سد النهضة ورفع معدلات التخزين المفاجئة، مما زاد من حجم الفيضان المفاجئ. تعاني المناطق المتضررة من الإهمال الحكومي في توفير بدائل سكنية أو تعويضات، وسط اتهامات متبادلة وغياب التنسيق المائي الكامل بين دول المنبع والمصب، مما يزيد من تعقيد المشهد ويهدد الأمن المائي والمعيشي في المنوفية ومناطق أخرى.