في واقعة صادمة مؤرخة في سبتمبر 2025، تعرضت طالبة في الصف الأول الثانوي بمدينة شبين القناطر بمحافظة القليوبية للتحرش من قبل مدير مدرستها البالغ 58 عامًا.
المتهم استدرج الطالبة إلى غرفة المصلية داخل المدرسة، وعرض عليها هاتفًا محمولًا وخاتمًا ذهبيًا مقابل السماح له بملامسة جسدها، إلا أن الطالبة رفضت وحاولت الدفاع عن نفسها، ثم أبلغت شقيقها الذي اتصل بالنجدة.
تم القبض على المدير واعترف بارتكابه الجريمة، كما عُثر على صور ومقاطع غير لائقة لعدد من الطالبات على هاتفه المحمول ما يعكس استغلاله لوضعه الوظيفي.
هذا الحادث جاء في ثالث أيام العام الدراسي 2025، وأثار موجة غضب كبيرة بين أولياء الأمور، الذين أعربوا عن صدمتهم وتخوفهم على أبنائهم في ظل التراجع الأمني والتربوي في المدارس الرسمية والخاصة، مما يكشف ضعف الرقابة والأمن في المؤسسات التعليمية.
مدرس مدرسة تجريبية بحدائق الأهرام يغتصب ويتحرش بطالبة
في واقعة أخرى، أُدين مدرب كونغ فو بمدرسة لغات في حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة بالاعتداء الجنسي على طالبة داخل المدرسة في أبريل 2025.
المدرب استغل ثقة الطالبة ووعدها بالزواج، ثم استدرجها واعتدى عليها، فيما وصفه والد الطالبة وشهود العيان بجريمة هتك العرض.
أُلقي القبض على المتهم ووجهت له النيابة العامة تهمة الاعتداء، وأمرت بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات.
قبل ذلك في 2022، حدثت واقعة تحرش مشابهة في ذات المنطقة، وأكدت التحقيقات تفاقم ظاهرة تحرش المعلمين بالطالبات داخل المدارس، مما أدى إلى حالة نفسية حرجة لبعض الضحايا، وهو ما أعلنه تقرير الحالة النفسية لطالبة تعرضت لتحرش في مدرسة بمدينة حدائق الأهرام.
المدارس بين البلطجة والتحرش
ظاهرة العنف والبلطجة داخل المدارس المصرية ازدادت في الأعوام الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث يتعرض الطلاب والمعلمون لحوادث اعتداء وتحرش بشكل شبه يومي.
في بداية العام الدراسي 2025، جرى تسجيل عدة حوادث على مستوى محافظات متعددة، منها اعتداء طلابي على معلمين، وحالات تحرش عدّة أدت إلى استبعاد مسؤولين إداريين من مدارسهم.
تقرير رسمي لمحافظة القليوبية كشف تزايد الشكاوى من مضايقات جنسية وتحكم بالطلاب، مع ضعف في الإجراء الرسمي والرقابة.
تدهور النظام التعليمي وانتشار البلطجة والتحرش في المدارس لا يعكس فقط فشل سلطة الدولة في تأمين بيئة تعليمية آمنة، بل يفضح مدى إهمال الحكومة في مواجهة الجوانب الاجتماعية والنفسية للتلاميذ، حيث لم تخصص ميزانيات كافية للحماية النفسية والتربوية، ولم تباشر إصلاحات حقيقية رغم وعود متكررة من قيادات وزارة التربية والتعليم.
لماذا تستمر هذه الانتهاكات؟
- ضعف آليات الفحص والتعيين: القوانين والإجراءات التأديبية لا تزال تعاني من ثغرات في فحص الخلفيات والسلوكيات قبل التعيين أو التعاقد، خاصة في المدارس الخاصة واللغات.
- ثقافة الصمت والتبرير: خوف الأهالي أو ضغوط المجتمعات المحلية واعتبارات السمعة تدفع أحيانًا لأقفال الملفات أو تسويات قضائية بدلاً من التحقيق الحقيقي.
- انفصال بين وزارة التعليم وآليات الحماية: تنسيق ضعيف مع جهات حماية الطفل والنيابات ووحدات الإرشاد داخل المدارس، مما يسمح بتمرير حالات أو إهمالها.
- العوامل الاقتصادية: الاستفادة من الدروس الخصوصية وغياب الرقابة عليها تفتح بابًا لارتكاب اعتداءات خارج رقابة المدرسة الرسمية.
هذه العوامل مجتمعة تجعل فضح الانتهاكات وإصلاحها معركة تحتاج إرادة سياسية حقيقية.
وقائع وشهادات الأهالي
أولياء الأمور في محافظات مثل القليوبية والجيزة يعبرون عن بالغ قلقهم واحتجاجهم على ما يحدث داخل المدارس، مؤكدين شعورهم بانعدام الحماية وعدم جدوى البلاغات الرسمية التي غالبًا ما تتوقف عند التحقيقات دون حلول فعلية.
أحد أولياء الأمور في شبين القناطر قال إن ابنته تعرضت لرهاب مدرسي بعد حادثة التحرش، وأنهم يطالبون بحماية صارمة داخل المدارس وتشديد العقوبات على المتحرشين والمسيئين.
شهادات الأهالي تؤكد أن المدارس تحولت إلى أماكن لا يجد فيها الطلاب الأمان، ولا يمكن الوثوق بالجهات التعليمية أو الأمنية التي يفترض بها حماية أبنائهم، مع غياب آليات فعالة للوقاية والرصد، ما يفسح المجال لانتشار ظاهرة البلطجة بصورة تتسبب في أضرار نفسية وتعليمية خطيرة.
أسباب تنامي ظاهرة التحرش داخل المدارس؟!
خلال العقد الأخير، سجلت مؤسسات حقوقية ومدنية تزايدًا مستمرًا في حالات التحرش والجنس بالعنف داخل المدارس في مصر.
مبادرات مجتمع مدني مثل مبادرة "أطمن" التي بدأت في يونيو 2025، تهدف لتدريب المعلمين والأخصائيين على مكافحة التحرش ودعم الضحايا، لكنها ما زالت غير قادرة على تعويض غياب السياسات الحكومية الفعالة وآليات الرقابة.
تشير تقارير إلى أن نسب التحرش في المدارس تجاوزت 15% في بعض المحافظات الكبرى، مع تسجيل آلاف البلاغات سنويًا، إلا أن أغلبها لا يتعدى مرحلة التحقيق بسبب ضغوطات سياسية واجتماعية، وتستر بعض الإدارات التعليمية تحت ضغط السلطات لتفادي الإضرار بصورة النظام الحالي.
ويرجع الخبراء أسباب تصاعد هذه الظاهرة إلى تدهور البنية التحتية للمدارس، انعدام دور الرقابة المجتمعية، ضعف الوعي الطلابي والأسري، وتأثير الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها البلاد تحت حكم السيسي، مما أسهم في تفريغ الغضب الاجتماعي في ممارسات عنيفة قاتلة في المدارس، وغياب العقاب الحقيقي للجهات الإدارية المسؤولة.
توصيات سريعة قابلة للتنفيذ
- إلزاميّة فحص جنائي وطبّي دوري للمعلمين وموظفي المدارس.
- تأسيس خطوط إبلاغ آمنة ومحمية (هاتف/أونلاين) تدار مستقلًا عن إدارات المدرسة.
- تدخل نيابي مستقل ولجنة تقصّي حقائق على مستوى وزارة التربية والتعليم لكل حادثة تزعمها أسر متعددة.
- حملات توعية للآباء والطلاب حول كيفية الإبلاغ وحقوق الضحايا.
- تضييق الخناق على ثقافة الدروس الخصوصية غير المنظمة والزام تسجيل المُدرّسين المتعاقدين.
بناءً على هذه الوقائع والأرقام، يتضح أن الأوضاع في المدارس المصرية وصلت إلى حالة من الانهيار الأخلاقي والأمني، تعكس فشل حكومي واضح في توفير بيئة تعليمية آمنة وسليمة.
استمرار الظاهرة بلا علاج حقيقي يهدد مستقبل الطلاب، ويطرح تساؤلات حقيقية عن جدوى السياسات التعليمية في عهد السيسي وما إذا كانت التجربة التعليمية قد تكون ضحية لتدهور شامل في مؤسسات الدولة.