شهدت محافظة الإسكندرية مؤخرًا جريمة مروعة هزّت الرأي العام: أب يقتل ابنته ويصيب الأخرى، ثم يُنهي حياته. هذه الواقعة ليست مفردة، بل تأتي ضمن سلسلة من الجرائم الأسرية التي باتت تُذكّر بمدى عمق الأزمات الاجتماعية والنفسية التي تواجه بعض الأسر.
تفاصيل الحادثة الجديدة
وقعت الجريمة في منطقة العامرية، حيث استدرج الأب ابنتيه بحجة شراء مستلزمات للمدرسة، ثم أقدم على قتل الكبرى البالغة 15 عامًا، وأصاب الصغرى البالغة 7 أعوام، قبل أن يُنهي حياته. التحريات الأولية أشارت إلى أن الخلافات الزوجية كانت السبب الرئيسي، بعد أن تركت الزوجة المنزل قبل أيام من الحادث.
ويفسر الدكتور أحمد عبد اللطيف، استشاري الطب النفسي، هذه الواقعة بأنها نتاج "تراكم ضغوط أسرية وفقدان السيطرة على الانفعالات"، مؤكدًا أن كثيرًا من الأزواج يرون في قتل الأبناء وسيلة انتقام من الطرف الآخر أو وسيلة يائسة للهروب من الشعور بالفشل.
حادثة قريبة مماثلة
في حادثة مروِّعة شهدتها مدينة نبروة بمحافظة الدقهلية يوم الجمعة 19 سبتمبر 2025، أقدم أب يعمل سائق تريلا على إنهاء حياة أولاده الثلاثة خنقًا داخل مسكنهم في شارع المدارس، الضحايا هم مريم (13 سنة) ومعاذ (9 سنوات) ومحمد (7 سنوات)، ثم طعن زوجته بأكثر من عشرة طعنات فأُسعفت إلى مستشفى نبروة ثم نُقلت إلى مستشفى الطوارئ بالمنصورة، قبل أن يلوذ الجاني بالفرار ثم يكتب نعيًا لأولاده على صفحته الشخصية وينتحر بإلقاء نفسه أسفل عجلات قطار في مدينة طلخا / المنصورة.
التحريات الأولية أشارت إلى أن الأطفال هم من زوجته الأولى التي توفيت متأثرةً بكورونا، وأن الزوجة المصابة هي الزوجة الثانية لصاحب المنزل وتملك محل أدوات منزلية في نبروة.
جريمة الخبز المسمم
في محافظة المنيا بصعيد مصر، في مركز دير مواس، قررت النيابة العامة إطلاق أولى جلسات محاكمة المتهمة هاجر م.أ.، البالغة من العمر 24 عامًا، والمعروفة إعلاميًا بقضية “الخبز المسموم”. المتهمة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة عمدًا بعد أن ضعّت مادة مبيد حشري سامة تُدعى الكلورفينابير في الخبز الذي سلمته لهم.
الحادثة بدأت في 11 يوليو 2025، حين وصلت أربعة أطفال إلى مستشفى دير مواس مصابين، ثلاثة منهم توفّوا على الفور، والرابع دخل العناية المركزة، ثم تباعًا توفي بقية الضحايا، كما نُقلت طفلتان إضافيتان إلى مستشفى صدر المنيا بعد ظهور أعراض تسمم عليهما، إحداهما توفيت لاحقًا، ثم الطفلان الآخرين، ثم الأب نفسه فارق الحياة بعد فترة من التسمم. التحقيقات أشارت إلى أن الجريمة أتت بعد خلافات أسرية، تحديدًا بعد أن قرّر الزوج إعادة زوجته الأولى إلى عصمته، ما أثار غضب الزوجة الثانية. المحكمة وجهت للمتهمة تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وصدرت لها إحالة إلى محكمة الجنايات للنظر في الجريمة.
إحصائيات 2024 – مرصد جرائم العنف ضد النساء والفتيات
- إجمالي جرائم العنف ضد النساء والفتيات: 1195 جريمة.
- الجرائم التي ارتكبها أحد أفراد الأسرة: 540 جريمة.
- جرائم القتل: 363 جريمة.
منها 261 جريمة قتل أسري (الزوج/الأب/الأخ/أحد أفراد الأسرة).
والباقي 67 جريمة قتل من خارج نطاق الأسرة. - الشروع في القتل: 100 جريمة.
- الضرب المبرح (كسور/عاهات): 90 جريمة.
جرائم أخرى مرتبطة بالعنف الأسري شملت:
- 153 جريمة اغتصاب.
- 182 جريمة تحرش جنسي.
- 97 حالة انتحار + 33 محاولة انتحار مرتبطة بظروف العنف.
وختاما فجريمة الإسكندرية الأخيرة ليست مجرد حادث منفصل، بل هي مرآة تعكس هشاشة الروابط الأسرية تحت ضغط الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وبينما تعيش الأسر المفجوعة في مأساة لا يمكن تعويضها، يبقى التحدي الأكبر أمام الدولة والمجتمع هو بناء منظومة متكاملة من الدعم النفسي والاجتماعي، لأن العائلة حين تنهار، ينهار معها الأمن المجتمعي كله.