شهدت العاصمة البريطانية لندن، صباح أمس الاثنين، حدثًا تاريخيًا يتمثل في رفع علم فلسطين رسميًا على مبنى السفارة الفلسطينية، وذلك عقب إعلان الحكومة البريطانية اعترافها بالدولة الفلسطينية بشكل رسمي. هذه الخطوة التي تأتي بعد عقود من المماطلة والتردد، اعتُبرت انتصارًا دبلوماسيًا للفلسطينيين ورسالة قوية بأن المزاج السياسي الغربي بدأ يتغيّر في التعامل مع القضية الفلسطينية.

 

 

خطوة تاريخية ورمزية

رفع العلم الفلسطيني لم يكن مجرد إجراء بروتوكولي، بل حمل رمزية كبيرة، إذ وضع بريطانيا في صف 145 دولة أخرى حول العالم اعترفت بفلسطين منذ إعلان قيامها عام 1988. المشهد أمام مبنى السفارة في لندن جذب العشرات من أبناء الجالية الفلسطينية وأنصار القضية، الذين اعتبروا الخطوة تتويجًا لنضال طويل من أجل تثبيت الهوية الفلسطينية في المحافل الدولية.

 

الموقف البريطاني الجديد

اعتراف بريطانيا جاء في سياق موجة أوروبية متصاعدة، حيث سبقتها النرويج وإسبانيا وإيرلندا وسلوفينيا، ثم أتبعتها كندا وأستراليا والبرتغال. الحكومة البريطانية بررت قرارها بأنه "التزام أخلاقي" لدعم حل الدولتين وضمان حق الفلسطينيين في تقرير المصير. هذا التحول في السياسة البريطانية، التي طالما كانت داعمة لإسرائيل في مجلس الأمن والأمم المتحدة، أثار جدلًا داخليًا لكنه قوبل بترحيب واسع دوليًا.

 

دلالات الاعتراف على الأرض

رغم الأبعاد الرمزية للخطوة، إلا أن خبراء القانون الدولي يرون أن رفع العلم وفتح سفارة معترف بها رسميًا يفتح الباب أمام الفلسطينيين لتعزيز حضورهم الدبلوماسي والقانوني. كما يتيح لهم التوقيع على مزيد من الاتفاقيات الثنائية، ويمهد الطريق لانخراط أوسع في المؤسسات الدولية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في غياب إرادة دولية لفرض ضغوط حقيقية على إسرائيل لوقف الحرب المستمرة في غزة وإنهاء الاحتلال.

 

ردود الفعل الفلسطينية والإسرائيلية

الرئاسة الفلسطينية رحبت بالخطوة ووصفتها بـ"اللحظة التاريخية"، مؤكدة أنها تمثل بداية لتصحيح الخلل التاريخي الذي بدأ مع وعد بلفور عام 1917. في المقابل، اعتبرت الحكومة الإسرائيلية القرار "خطأ استراتيجيًا" وشددت على أنه لن يغير من واقع السيطرة الإسرائيلية على الأرض.

وفي ضوء ما سبق فإن رفع العلم الفلسطيني على مبنى السفارة في لندن يعد مشهدًا رمزيًا يعكس اعترافًا طال انتظاره. لكنه أيضًا اختبار لإرادة المجتمع الدولي: هل سيبقى الاعتراف مجرد لفتة سياسية، أم سيكون مقدمة لتحرك عملي يُنهي عقودًا من الاحتلال ويوصل الفلسطينيين إلى دولتهم المستقلة؟