أثارت صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لوكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة قنا، هاني عنتر، وهو نائم خلال حضوره إحدى الفعاليات مع بداية العام الدراسي الجديد 2025/2026، بعنوان "صحح مفاهيمك"، حالة واسعة من الجدل والسخط الشعبي.
الصورة التي انتشرت بسرعة البرق لم تكن مجرد لقطة عابرة لمسؤول غلبه النعاس، بل جرى التعامل معها كرمز فاضح لحال قطاع واسع من المسؤولين الذين يظهرون أمام الكاميرات على أنهم شعلة من النشاط والحيوية، بينما في الواقع يعيش المواطنون نتائج كسلهم وعدم اكتراثهم، من جوع وفقر وتراجع في الخدمات.
😫🤣👇وكيل وزارة التعليم بمصر نايم في الافتاح الرسمي لاحد مقارها بمصر.
— عابر طريق.. (@AlshlahySary) September 22, 2025
جاموسه ميته مو انسان نايم🤣🤣👇 pic.twitter.com/dYdVlvoupx
صورة تكشف واقعًا مريرًا
كتب مواطنون ومعلّقون عبارات ساخرة وحادة تعليقًا على المشهد: "مش وقت النوم ده وقت الشغل"، "كيف ينام من بيده مستقبل أبنائنا؟"، و"إذا كان المسؤول الأول عن التعليم في المحافظة ينام في الاجتماعات، فما حال المدارس نفسها؟".
هذه العبارات تعكس إدراك الناس بأن الصورة ليست حادثة شخصية بل نموذج لثقافة رسمية تعتمد على الاستعراض والوجاهة أكثر من اعتمادها على الفعل والعمل الجاد.
فسخر عابر طريق "وكيل وزارة التعليم بمصر نايم في الافتاح الرسمي لاحد مقارها بمصر. جاموسه ميته مو انسان نايم".
😫🤣👇وكيل وزارة التعليم بمصر نايم في الافتاح الرسمي لاحد مقارها بمصر.
— عابر طريق.. (@AlshlahySary) September 22, 2025
جاموسه ميته مو انسان نايم🤣🤣👇 pic.twitter.com/dYdVlvoupx
وكتبت شاهيناز طه "وكيل وزارة التعليم في قنا نام في مؤتمر اسمه صحح مفاهيمك و لما سألوه نمت ليه قالهم دي كانت لحظة تأمل و تفكير !!!! انا بقول كلنا نروح نتامل في الشغل".
وكيل وزارة التعليم في قنا نام في مؤتمر اسمه صحح مفاهيمك و لما سألوه نمت ليه قالهم دي كانت لحظة تأمل و تفكير !!!!😴😴
— شاهيناز طاهر (@ChahinazTaher) September 21, 2025
انا بقول كلنا نروح نتامل في الشغل pic.twitter.com/HFGdRXpRbt
وقال ابن حميدو "وكيل وزارة التعليم في قنا نام في مؤتمر اسمه صحح مفاهيمك و لما سألوه نمت ليه قالهم دي كانت لحظة تأمل و تفكير !!!! الجدير بالذكر انك لما تعرف مين القائمين على صحح مفاهيمك ده تلاقي كلهم محتاجين تصحيح مفاهيم أصلا أساسا !!! وكيل الوزارة الاستاذ رابسو".
وكيل وزارة التعليم في قنا نام في مؤتمر اسمه صحح مفاهيمك و لما سألوه نمت ليه قالهم دي كانت لحظة تأمل و تفكير !!!!
— ابن حميدو (@9NCKfymdlBoSCf3) September 21, 2025
الجدير بالذكر انك لما تعرف مين القائمين على صحح مفاهيمك ده تلاقي كلهم محتاجين تصحيح مفاهيم أصلا أساسا !!!
وكيل الوزارة الاستاذ رابسو 🤡 pic.twitter.com/yZG2tiDywT
مسؤولون يتحدثون كثيرًا ويعملون قليلًا
المتابع للشأن العام في مصر يدرك أن ظاهرة المسؤول الذي يظهر على المنصات الإعلامية بخطابات رنانة عن التطوير والإصلاح، ثم ينكشف لاحقًا أنه لا يملك رؤية أو متابعة حقيقية، ليست جديدة. إنها صورة مكررة من أعلى المستويات إلى أصغر المناصب: تصريحات عن مشروعات قومية كبرى، لكن الواقع يكشف عن خدمات متدهورة، مدارس بلا مقاعد كافية، مستشفيات بلا أدوية، وقرى تعيش في الظلام.
إن نوم وكيل وزارة التعليم في قنا وسط فعالية رسمية هو بمثابة مرآة لحالة عامة: مسؤولون يرفعون الشعارات لكنهم عاجزون عن مواجهة المشكلات اليومية التي تحاصر المواطنين، من طوابير الخبز إلى انهيار مستوى التعليم وانتشار الفقر.
النتائج على المواطن: جوع وفقر ومعاناة
في بلد يتجاوز عدد سكانه 110 ملايين نسمة، أصبح التعليم، الصحة، والغذاء قضايا يومية ملحة.
ورغم كل الوعود الرسمية بالنهضة والإصلاح، يعيش ملايين المصريين تحت خط الفقر.
المشهد إذن ليس صدفة: حين يغيب الجهد الحقيقي من المسؤولين، وحين يُختزل عملهم في صور أمام الإعلام، فإن النتيجة الطبيعية أن البلاد تغرق في الأزمات.
المواطن يدفع ثمن النوم والإهمال ببطون خاوية، وأطفال يدرسون في فصول مكتظة، وشباب بلا فرص عمل.
بين النشاط المصطنع والكسل الحقيقي
ما تكشفه هذه الواقعة أن هناك فجوة واسعة بين النشاط المصطنع الذي يقدمه المسؤولون أمام الشاشات، وبين واقع الكسل الحقيقي الذي يحكم أداءهم في المكاتب والمؤسسات.
المسؤولون يتفننون في الخطابات عن "الإنجازات"، بينما حياتهم الإدارية اليومية مليئة بالتقصير واللامبالاة.
ولو كان نصف الجهد المبذول في صناعة الصور والشعارات موجهًا للعمل الميداني الجاد، لكانت مصر اليوم في حال أفضل.
أزمة ثقة بين الناس والمسؤولين
هذه الفجوة صنعت أزمة ثقة عميقة بين المواطن والحكومة. فلم يعد الناس يصدقون ما يُقال لهم عن الإصلاح أو عن المستقبل المشرق، لأن ما يواجهونه يوميًا من معاناة يفند كل خطاب رسمي.
صور نوم المسؤولين أو غيابهم عن متابعة المشكلات ليست مجرد لقطات ساخرة، بل دليل متكرر على أن النظام الإداري يعيش في حالة من الانفصال عن واقع المجتمع.
دعوة لمحاسبة حقيقية
إن ما جرى في قنا يجب ألا يمر مرور الكرام. فالتعليم في مصر ليس مجالًا للعب أو التهاون. وإذا كان المسؤولون ينامون في الاجتماعات، فمن يضمن أنهم ينجزون مهامهم خلف الأبواب المغلقة؟.
المطلوب اليوم ليس فقط الاعتذار أو التبرير، بل مراجعة شاملة لثقافة المسؤولية: كيف يُعيَّن هؤلاء؟ ولماذا يغيب عنهم الشعور بالمسؤولية تجاه ملايين المواطنين الذين يعانون يوميًا؟
الخلاصة أن حادثة نوم وكيل وزارة التعليم في قنا ليست مجرد مشهد مثير للسخرية، بل هي رمز لانهيار المنظومة الإدارية التي يسيطر عليها الكسل واللا مبالاة، في وقت يحتاج فيه الشعب إلى قيادة جادة تعالج أزماته. فالمسؤول الذي يتعامل مع عمله على أنه مجرد وظيفة شكلية وصورة في الإعلام، هو شريك في صناعة الجوع والفقر الذي يعيشه المصريون اليوم.
لقد آن الأوان لأن يتحول غضب الناس من السخرية إلى المطالبة الحقيقية بالمحاسبة. لأن الشعوب لا تنهض بالنوم على الكراسي الوثيرة، بل بعرق المسؤولين وإخلاصهم في خدمة الناس.