تشهد مدينة غزة وشمال القطاع، منذ فجر الجمعة، موجة نزوح غير مسبوقة مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تسعى إلى السيطرة الكاملة على المدينة.

فيما يعيش مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين كارثة إنسانية متفاقمة بين أنقاض المنازل والخيام المؤقتة، وسط حصار خانق ونقص حاد في الغذاء والدواء والمياه.
 

تقدم بري إسرائيلي وانقطاع الاتصالات
أفادت وكالة رويترز بأن القوات الإسرائيلية دفعت بدباباتها إلى منطقتين استراتيجيتين تمثلان مدخلين إلى وسط مدينة غزة، تزامناً مع انقطاع شامل للاتصالات وخدمات الإنترنت، في إشارة إلى استعداد الاحتلال لتوسيع عملياته البرية.
ورغم إلقاء منشورات تطالب السكان بالنزوح إلى منطقة المواصي في جنوب القطاع، فإن منظمات الإغاثة الدولية أكدت أن الأوضاع هناك كارثية، حيث يفتقر النازحون لأبسط مقومات الحياة.
 

مئات الآلاف على الطرقات
ووفق تقديرات صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، فإن نحو 480 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة، بينما أشار مصدران مطلعان إلى أن العملية العسكرية دفعت أكثر من 400 ألف شخص إلى التوجه نحو الجنوب القريب من الحدود المصرية.
لكن هذا النزوح، وفق مراقبين، يضع الفلسطينيين أمام مأساة جديدة، إذ إن مناطق الجنوب مكتظة ومحرومة من الخدمات الأساسية، ما يضاعف معاناتهم الإنسانية.
 

استنفار مصري وقلق من التهجير
على الجانب الآخر من الحدود، عززت القوات المسلحة المصرية انتشارها على طول الشريط الحدودي مع غزة، تحسباً لأي محاولة نزوح جماعي باتجاه سيناء.

ونقلت مصادر عن دوائر صنع القرار في القاهرة مخاوف حقيقية من وجود مخطط إسرائيلي لدفع الفلسطينيين إلى مغادرة القطاع قسراً، بما يغير تركيبته الديمغرافية.
ورغم ذلك، أكدت مصر تمسكها بالاتفاقيات الأمنية مع إسرائيل، مع رفضها لأي سيناريو يفرض عليها مواجهة مباشرة مع اللاجئين.
 

مجازر متواصلة ومعاناة شاملة
بالتوازي مع النزوح، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي حربها المستمرة على القطاع لليوم الـ714، عبر القصف الجوي والمدفعي وعمليات الاجتياح التي أسفرت عن عشرات الشهداء منذ فجر الجمعة في مدينة غزة وخانيونس ودير البلح.
فقد استشهد مدنيون بينهم أطفال في سلسلة غارات على الأحياء السكنية ومخيمات النزوح، إضافة إلى استهداف طواقم طبية وعمال جمع الحطب ومراكز توزيع المساعدات.
 

حصيلة دامية للإبادة الجماعية
ووفق وزارة الصحة في غزة، ارتفع عدد الشهداء منذ اندلاع الحرب إلى 65,062 شهيداً و165,679 جريحاً، فضلاً عن أكثر من 9 آلاف مفقود.
وتؤكد الإحصاءات أن الاحتلال استهدف الفئات الهشة بشكل مباشر، حيث استشهد أكثر من 20 ألف طفل و12,500 امرأة، بينهم آلاف الأمهات.

كما استشهد أكثر من 1,670 من الطواقم الطبية و248 صحفياً و780 من الرياضيين، في حين ارتكبت قوات الاحتلال أكثر من 15 ألف مجزرة أبادت خلالها نحو 2,700 عائلة بالكامل.
 

دمار شامل وأرقام مفزعة
المكتب الإعلامي الحكومي أكد أن العدوان أدى إلى تدمير 88% من مباني قطاع غزة، بخسائر تجاوزت 62 مليار دولار، فيما يسيطر الاحتلال على 77% من مساحة القطاع.
كما دُمّرت مئات المدارس والجامعات والمساجد والمقابر، ما يعكس حجم الكارثة الممتدة على مختلف جوانب الحياة.