تتجه حكومة السيسي إلى تطبيق زيادات جديدة في أسعار الطاقة خلال النصف الأول من شهر أكتوبر المقبل، وفقًا لمصادر مطلعة في لجنتي الخطة والموازنة والطاقة والبيئة بمجلس النواب. وتشمل هذه الزيادات البنزين والسولار والغاز والمازوت، في خطوة تعكس استمرار سياسة رفع الدعم التدريجي عن الطاقة التي بدأت منذ تولي قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014.
زيادات مرتقبة في أسعار المنتجات البترولية
بحسب المصادر، من المتوقع أن ترتفع أسعار البنزين بأنواعه الثلاثة على النحو التالي:
- بنزين 80: من 15.75 جنيهًا إلى 18 جنيهًا للتر، بزيادة قدرها 14.2%.
- بنزين 92: من 17.25 جنيهًا إلى 19.50 جنيهًا للتر، بزيادة تبلغ 13%.
- بنزين 95: من 19 جنيهًا إلى 21 جنيهًا للتر، بزيادة نسبتها 10.5%.
أما السولار، الذي يُستخدم على نطاق واسع في وسائل النقل الجماعي والمعدات الزراعية، فسيشهد زيادة من 15.50 جنيهًا إلى 17.50 جنيهًا للتر، بنسبة 12.9%.
ارتفاع أسعار الغاز والمازوت
تشمل الزيادات أيضًا أسطوانات الغاز:
- الاستخدام المنزلي: من 200 جنيه إلى 250 جنيهًا، بزيادة 25%.
- الاستخدام التجاري: من 400 جنيه إلى 500 جنيهًا، بزيادة 25%.
كما سيرتفع سعر المازوت المورد للصناعات غير الغذائية من 10,500 جنيه إلى 11,500 جنيه للطن، بنسبة 9.5%.
أما الغاز الصب المستخدم في الصناعات الثقيلة، فسيزيد من 16,000 جنيه إلى 18,000 جنيه للطن، بزيادة 12.5%.
وسيرتفع سعر الغاز المورد لقمائن الطوب من 210 جنيهات إلى 230 جنيهًا للمليون وحدة حرارية، بنسبة 9.5%.
ويستخدم السولار في مصر في سيارات النقل الجماعي، والنقل الثقيل، وتوليد الكهرباء في المناطق النائية، وأعمال البناء والزراعة، فضلًا عن المخابز المنتجة لرغيف الخبز المدعم. وأي ارتفاع في سعر بيعه ينعكس بأثر فوري على أسعار وسائل النقل الحكومية والخاصة، والسلع والمنتجات الأساسية، ومنها الخضراوات والفاكهة واللحوم والدواجن والحبوب وزيوت الطعام والألبان والجبن والبيض.
الزيادة الأخيرة
صرّح رئيس وزراء حكومة السيسي، الدكتور مصطفى مدبولي، يوم الثلاثاء، أن الزيادة المرتقبة في أسعار البنزين وباقي المنتجات البترولية، والمقرر تنفيذها في أكتوبر 2025، قد تمثل "آخر زيادة كبيرة" ضمن خطة الحكومة لتحرير أسعار الوقود. وأكد أن المرحلة التالية ستعتمد على آلية التسعير التلقائي، التي تتيح تعديل الأسعار صعودًا أو هبوطًا وفقًا لتغيرات السوق العالمية، لا سيما سعر خام برنت وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري.
وزعم مدبولي أن الدولة ستواصل تقديم دعم جزئي لبعض أنواع الوقود، وفي مقدمتها السولار، نظرًا لتأثيره المباشر على معدلات التضخم وأسعار السلع الأساسية. وأشار إلى أن الحكومة تعتمد على تسعير البنزين وبقية المنتجات البترولية كوسيلة لتعويض جزء من تكلفة دعم السولار، حتى بعد الانتهاء من تنفيذ خطة تحرير أسعار المشتقات النفطية بالكامل.
انخفاض الدعم
وشهد مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2025/2026 تقليصًا حادًا في مخصصات دعم الوقود، حيث انخفضت بنسبة 51%، من 154 مليار جنيه في موازنة العام السابق إلى 75 مليار جنيه فقط، ما يعكس تراجعًا بقيمة 79 مليار جنيه. ويأتي هذا التقليص في سياق خطة حكومية لتحرير أسعار بيع المنتجات البترولية بالكامل، باستثناء السولار، قبل نهاية العام الجاري.
وتُعد الزيادة المرتقبة في أسعار الوقود خلال أكتوبر المقبل هي العشرين من نوعها منذ بدء تطبيق آلية التسعير التلقائي في يوليو 2019. حينها، كانت أسعار الوقود أقل بكثير مما هي عليه اليوم، إذ بلغ سعر لتر السولار وبنزين 80 نحو 5.50 جنيهات، وبنزين 92 حوالي 6.75 جنيهات، بينما كان سعر بنزين 95 لا يتجاوز 7.75 جنيهات.
وتنتظر حكومة السيسي وصول بعثة صندوق النقد الدولي خلال سبتمبر الجاري أو أكتوبر المقبل، لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج القرض البالغ قيمته الإجمالية 8 مليارات دولار، والذي يرتبط بتنفيذ إصلاحات اقتصادية تشمل تحرير أسعار الطاقة وتعزيز مرونة سعر الصرف.
وفي سياق السياسات النقدية، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، في اجتماعها بتاريخ 28 أغسطس، خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وكذلك سعر العملية الرئيسية للبنك، بمقدار 200 نقطة أساس (2%)، لتصل إلى 22% و23% و22% على التوالي. وتُعد هذه الخطوة الثالثة من نوعها خلال العام الجاري، في محاولة لاحتواء الضغوط التضخمية وتحفيز النشاط الاقتصادي.
وبحسب بيانات رسمية، سجل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجعًا إلى 12% في أغسطس الماضي، مقارنة بـ13.9% في يوليو. كما انخفض معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 11.2%، مقابل 13.1% في الشهر السابق. ويُعزى هذا التراجع إلى حزمة المساعدات المالية التي أبرمتها الحكومة مع صندوق النقد الدولي، والتي أسهمت في كبح جماح التضخم بعد أن بلغ ذروته عند 38% في سبتمبر 2023.
تأثيرات اقتصادية واجتماعية
ويعاني المواطنون في مصر من تحمّل تبعات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أبرمته الحكومة مع صندوق النقد الدولي، والذي يفرض مجموعة من السياسات الهيكلية تشمل تحرير أسعار السلع والخدمات الأساسية، وتطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه أمام العملات الأجنبية، إلى جانب تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي عبر برنامج الطروحات الحكومية والتخارج من بعض القطاعات، فضلًا عن إجراءات تهدف إلى ضبط المالية العامة لضمان استدامة الدين العام.
ورغم إعلان المجلس القومي للأجور رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص إلى سبعة آلاف جنيه شهريًا، إلا أن القيمة الحقيقية لهذا الأجر تراجعت بشكل ملموس خلال عام واحد. ففي عام 2024، عندما تم رفع الحد الأدنى من أربعة إلى ستة آلاف جنيه، كانت قيمته تعادل نحو 194 دولارًا، بناءً على سعر صرف الدولار آنذاك البالغ 30.85 جنيهًا. أما اليوم، ومع بلوغ سعر الصرف 48.15 جنيهًا للدولار، فقدْ فَقَدَ الحد الأدنى للأجور نحو 49 دولارًا من قيمته الفعلية.
وتثير قرارات زيادة الأجور جدلًا واسعًا بين المواطنين، الذين باتوا يربطون هذه الزيادات بموجات متلاحقة من ارتفاع الأسعار، تشمل السلع الأساسية، وخدمات الكهرباء، والمحروقات، والمرافق العامة. ويخشى كثيرون أن تكون هذه الزيادات مجرد تمهيد لتحركات حكومية تهدف إلى تغطية تكاليف الدعم أو تقليص العجز المزمن في الموازنة العامة، دون أن تنعكس فعليًا على تحسين مستوى المعيشة.