تتصاعد مأساة الفلسطينيين في مدينة غزة مع استمرار القصف المدفعي والجوي الذي يرافق الاجتياح البري لقوات الاحتلال الإسرائيلي. فالمشهد اليوم لا يقتصر على أصوات الانفجارات والدخان المتصاعد من المباني المدمرة، بل يمتد إلى عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية التي تضطر للنزوح تحت وابل من القنابل. وبينما تدّعي إسرائيل أن خطتها تستهدف "القضاء على حركة حماس"، تبدو الحقيقة أكثر قسوة: إنها عملية تهجير قسري وإعادة تشكيل ديموغرافي لقطاع غزة.
#فلسطين
— أبو ؏ــبــد اللَّـہ 🇸🇦 (@abu_bdallh8104) September 18, 2025
من #جرائم_إسرائيل
رحلة النزوح القاسية.. فلسطيني يقول:
حسبي الله على من كان السبب ولن نسامحكم
دنيا وآخرة. https://t.co/NHL38Gm4Vb pic.twitter.com/MWoXxMnzdW
شارع الرشيد.. الطريق الوحيد المزدحم بالنازحين
مع انسداد الخيارات، تحول شارع الرشيد الساحلي غرب مدينة غزة إلى الممر الوحيد للنازحين. على امتداد الطريق، تكدست الحشود البشرية، رجال ونساء وأطفال يسيرون مشيًا على الأقدام أو عبر عربات متهالكة، حاملين ما استطاعوا حمله من متاع. يروي شهود عيان أن رحلة النزوح عبر هذا الطريق قد تستغرق أكثر من سبع ساعات، يتخللها الخوف من غارات مفاجئة ونقص حاد في وسائل النقل. مشهد النزوح الجماعي هذا أعاد للأذهان صور النكبة الأولى عام 1948، لكن هذه المرة وسط حصار خانق وأمام أعين العالم.
فشل "ممر صلاح الدين الآمن" تحت القصف
على الجانب الآخر، لم يتمكن الفلسطينيون من استخدام شارع صلاح الدين شرق المدينة، رغم إعلان جيش الاحتلال فتحه لمدة 48 ساعة. الواقع كان مختلفًا تمامًا: القصف لم يتوقف، والمباني فجرت لتسد الطرق المؤدية إليه. كثير من العائلات التي حاولت التوجه نحو الممر المزعوم اضطرت للعودة أدراجها، بعدما أدركت أن "الممر الآمن" ليس سوى فخ جديد يهدد حياتها. شهادات النازحين فضحت ازدواجية الاحتلال، الذي يعلن فتح المعابر بينما يقصف من يحاول المرور منها.
#فلسطين
— أبو ؏ــبــد اللَّـہ 🇸🇦 (@abu_bdallh8104) September 18, 2025
من #جرائم_إسرائيل
"سننام في الشوارع قرب الشاطئ حفاة الأقدام،
لا نعرف إلى أين سنذهب".. هكذا يصف أحد
النازحين من مدينة #غزة معاناته اليومية،
ومشقة رحلة النزوح القاسية، في ظل استمرار
العمليات العسكرية الإسرائيلية. https://t.co/nfuCGlTWjk pic.twitter.com/mpSnnhzhq0
أزمة إنسانية: غياب المأوى والغذاء والدواء
لا يقف النزوح عند حدود الحركة من الشمال إلى الجنوب، بل يفتح أبوابًا جديدة من المعاناة. النازحون الذين يصلون إلى الجنوب لا يجدون خيامًا كافية أو مراكز إيواء مجهزة. الغذاء شحيح، والمياه النظيفة تكاد تكون معدومة، فيما تنتشر الأمراض وسط الأطفال وكبار السن. النساء الحوامل يعانين في غياب الرعاية الطبية، والمستشفيات الميدانية تعمل بما يفوق طاقتها. تقارير منظمات إنسانية تشير إلى أن الوضع يقترب من "كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بينما تتصاعد المخاوف من أن يتحول النزوح إلى تهجير دائم.
بالتزامن مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعملياته البرية
— سهيل أياز البلوشي🇴🇲 (@AyazShyl) September 18, 2025
asharqnews
وقصفه المكثف على مدينة غزة، آلاف الفلسطينيين في رحلات نزوح جديدة جنوباً على متن شاحنات وعربات تجرّها الدواب.#انقذوا_غزة #غزة #اسرائيل_منظمة_ارهابية #غزة_تباد #gaza pic.twitter.com/1Dyu5PDq9k
المجتمع الدولي.. صمت وإدانات شكلية
رغم ضخامة المأساة، لم يخرج المجتمع الدولي عن دائرة التصريحات المعتادة. الأمم المتحدة اكتفت ببيانات تعرب فيها عن "القلق"، في حين لم تجرؤ أي دولة كبرى على اتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان أو حماية المدنيين. الإدانات الغربية تبدو شكلية، بل إن بعضها يبرر الهجوم تحت شعار "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". هذا التخاذل يفضح ازدواجية المعايير الدولية، ويجعل الفلسطينيين يشعرون بأنهم وحدهم في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.
القراءة السياسية: الاحتلال يسعى لإعادة رسم الخريطة السكانية
المراقبون السياسيون يرون أن ما يحدث في غزة يتجاوز العمليات العسكرية التقليدية، فهو جزء من خطة لإعادة تشكيل الخريطة السكانية. مدينة غزة، باعتبارها مركزًا سياسيًا وعسكريًا لحركة حماس، تمثل الهدف الأكبر للاحتلال. لكن نزوح مئات الآلاف من سكانها نحو الجنوب يعكس نية إسرائيلية واضحة: تفريغ المدينة وإضعاف البنية الاجتماعية الفلسطينية. بذلك، يتحول النزوح من مجرد رد فعل على القصف إلى وسيلة لتحقيق أهداف استراتيجية إسرائيلية، على حساب حياة المدنيين وحقوقهم.
في النهاية، يبقى الفلسطينيون عالقين بين خيارين أحلاهما مر: البقاء تحت القصف في منازلهم المدمرة، أو النزوح نحو المجهول في ظروف قاسية تفتقر لأبسط مقومات الحياة. النزوح المستمر في غزة ليس مجرد "حركة سكانية مؤقتة"، بل صورة جديدة من صور التهجير القسري التي تستهدف اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم. وبينما يواصل المجتمع الدولي صمته المخزي، يدفع الشعب الفلسطيني ثمن حرب إبادة تُنفذ على مرأى ومسمع العالم بأسره.