مع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد، أصدرت وزارة التعليم المصرية ما يُعرف بـ"لائحة التحفيز التربوي والانضباط المدرسي"، بهدف تنظيم سلوك الطلاب وتعزيز الانضباط داخل المدارس.
إلا أن هذه المبادرة أثارت جدلاً واسعًا بين أولياء الأمور والمراقبين، الذين اعتبروا أن التركيز على الانضباط شبه العسكري يأتي على حساب معالجة القضايا الأساسية في التعليم، مثل نقص المعلمين والفصول الدراسية وارتفاع المصروفات.
يعكس هذا التوجه نهجًا يركز على المظاهر الشكلية للانضباط أكثر من تحسين جودة العملية التعليمية.
سياسات وزارة التعليم نحو العسكرة
يُشبّه بعض النقاد سياسات وزارة التعليم بالسياسات العسكرية التي تحوّل المؤسسات إلى أدوات استعراضية بدل العمل الفعلي.
وقد وُجهت انتقادات للوزير محمد عبد اللطيف لتركيزه على الانضباط واللوائح شبه العسكرية، بدلاً من السعي لحل مشاكل التعليم الأساسية.
كما أثار إلزام أولياء الأمور بالتوقيع على إقرار الاطلاع والموافقة على اللائحة استياء واسعًا، إذ اعتبر كثيرون أن الأولوية يجب أن تكون لتحسين البنية التعليمية قبل فرض قيود انضباطية.
محتوى لائحة التحفيز والانضباط
تصنف اللائحة المخالفات الطلابية إلى أربع درجات حسب خطورتها: بسيطة، متوسطة، خطيرة، وشديدة الخطورة.
كما تحدد الإجراءات الواجب اتباعها لكل نوع من المخالفات مع توثيقها وفق النظم المعتمدة، لضمان تطبيق العقوبات بشكل منظم ومتدرج.
المخالفات البسيطة (الدرجة الأولى)
- تشمل المخالفات اليومية البسيطة، مثل:
- التأخر عن الطابور أو الحصة الدراسية دون عذر.
- عدم الالتزام بالزي المدرسي أو الرياضي.
- مشاكل تتعلق بالمظهر الشخصي، مثل طول الشعر أو القصات غير المناسبة.
- عدم إحضار الكتب والأدوات المدرسية.
- عدم اتباع قواعد السلوك الإيجابي داخل الصف وخارجه.
- النوم أو الأكل أثناء الحصص.
- سوء استخدام الأجهزة الإلكترونية.
المخالفات المتوسطة الخطورة (الدرجة الثانية)
تشمل المخالفات التي تتطلب رصدًا أكثر دقة، مثل:
- التغيب عن المدرسة أو الحصص بدون عذر.
- عدم المشاركة في الأنشطة المدرسية.
- التحريض على الشجار أو تهديد الزملاء.
- مخالفات ضد الآداب العامة والنظام المدرسي.
- الكتابة على الأثاث أو استخدام الهاتف المحمول بشكل خاطئ.
المخالفات الخطيرة (الدرجة الثالثة)
تتضمن المخالفات ذات التأثير الكبير على البيئة التعليمية، وتشمل:
- التنمر، الغش، وانتحال شخصية الآخرين أو نقل الواجبات ونسبتها للطالب نفسه.
- الإساءة اللفظية للطلاب أو العاملين.
- التدخين أو حيازة أدوات التدخين داخل المدرسة.
- الخروج أو الهروب من المدرسة بدون إذن.
- الإضرار بالممتلكات أو الاعتداء الجسدي.
- انتهاك خصوصية الآخرين والتصوير أو النشر بدون إذن.
المخالفات شديدة الخطورة (الدرجة الرابعة)
تشمل الأفعال التي تمثل جرائم جنائية ويعاقب عليها القانون مباشرة، ويتم التعامل معها وفق التشريعات القانونية المعمول بها.
آلية التعامل مع المخالفات
تطبق العقوبات بشكل متدرج وفق شدة المخالفة وتكرارها، وتشمل:
- التنبيه الشفوي والكتابي.
- تكليف الطالب بمهام مدرسية إضافية.
- خصم درجات السلوك واستدعاء ولي الأمر.
- الفصل المؤقت أو النقل التأديبي، والتحويل لنظام الدراسة من الخارج في الحالات القصوى.
كما تُرفع تقارير المخالفات للمدير لاتخاذ الإجراءات المناسبة، مع مراعاة التدرج في العقوبات.
الانتقادات العامة للائحة
على الرغم من أن الهدف المعلن للائحة هو تعزيز الانضباط والسلوك الإيجابي، إلا أن هناك انتقادات لافتة، أبرزها:
- التركيز على الانضباط بدلاً من معالجة مشكلات التعليم الأساسية.
- غموض في التنفيذ وتحديد المسؤوليات العملية.
- صعوبة ضمان نجاح اللائحة دون توفير بيئة تعليمية مناسبة وتلبية احتياجات الطلاب الأساسية.
وفي النهاية يمكن القول إن لائحة التحفيز والانضباط المدرسي تمثل محاولة رسمية لتعزيز الانضباط في المدارس، لكنها في الوقت نفسه تظهر محدودية التركيز على القضايا الجوهرية للتعليم المصري.
نجاح هذه اللائحة مرتبط بقدرة المدارس على تحقيق توازن بين ضبط السلوكيات الطلابية وتحسين بيئة التعليم، بدلاً من الاكتفاء باللوائح الصارمة والاستعراضات الشكلية.