شهدت قمة الدوحة العربية الإسلامية الطارئة، التي انعقدت في منتصف سبتمبر 2025، استعراضًا جماهيريًا لدعم القضية الفلسطينية، لكنه لم يترجم إلى أي إجراءات فعلية تلزم إسرائيل أو تردعها عن استمرار انتهاكاتها.

على الرغم من البيانات الرسمية وشعارات التضامن، بدا أن القمة لم تخرج بمواقف قوية يمكن أن تحدث أي تأثير ملموس على الأرض، فيما أثارت كلمة إندونيسيا التي دعت إلى قطع جميع العلاقات مع إسرائيل جدلاً واضحًا، نظرًا لرفض أغلب القادة المطبعين مثل هذه الدعوات.


كلمة إندونيسيا: موقف صارم لم يلقَ قبولاً
خلال القمة، ألقى ممثل إندونيسيا كلمة قوية باللغة العربية، دعا فيها إلى تعبئة الشعوب الإسلامية، ودعم المقاومة الفلسطينية، وحصار إسرائيل وقطع جميع العلاقات معها.
واعتبر العديد من المتابعين أن هذه الكلمة تمثل أكثر المواقف تشددًا بين الدول المشاركة، خاصة في ظل الضغوط الدولية والإقليمية لتجنب أي خطوات قد تزعزع علاقات بعض الدول المطبعة مع إسرائيل.

فكلمة إندونيسيا كانت واضحة وقوية، لكنها لم تُدرج في البيان الختامي للقمة، ما يعكس التباين بين الشعارات الجماهيرية والسياسة العملية التي ينتهجها القادة.
فبينما أرادت إندونيسيا الضغط على إسرائيل، فضل القادة المطبعون إبقاء المواقف عامة و«آمنة» لتجنب أي تصعيد سياسي.
 

بيان القمة: شعارات بلا تنفيذ
البيان الختامي للقمة، الذي اعتمدته 57 دولة عربية وإسلامية، أكد التضامن مع الشعب الفلسطيني ورفض الانتهاكات الإسرائيلية، لكنه اكتفى بالدعوات العامة لتفعيل القانون الدولي ومراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل بشكل محدود.
لم يتضمن البيان أي آليات ملزمة، أو خطوات عملية يمكن أن تشكل ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل، ما يؤكد أن القمة كانت أقرب إلى استعراض شعبي لإظهار الوحدة الإسلامية، دون القدرة على فرض أي ردع فعلي.

العديد من الخبراء اعتبروا أن القمة استهدفت بالدرجة الأولى إرسال إشارات جماهيرية للشعوب الإسلامية، مع الحفاظ على مصالح الدول المطبعين مع إسرائيل.
هذه الدول كانت حريصة على إبقاء البيان «متوازنًا» دون المساس بعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع تل أبيب، ما أدى إلى إقصاء أي مواقف أكثر تشددًا، مثل تلك التي طرحتها إندونيسيا.
 

التباين بين الشعارات والواقع السياسي
المحللون السياسيون أكدوا أن الفجوة بين الخطابات والشعارات وبين الواقع السياسي واضح جدًا في هذه القمة.
فبينما تدعو الكلمات إلى التضامن والمقاومة، لم تُتخذ أي إجراءات ملموسة يمكن أن تؤثر على إسرائيل.
وهذا التباين يعكس هشاشة التنسيق بين الدول المشاركة، إذ تضطر الدول المطبعون إلى التراجع عن أي خطوات قد تضر بمصالحهم، في حين تدعو دول أخرى إلى مواقف أكثر صرامة تجاه الاحتلال.

كذلك، فإن تجاهل الدعوات الأكثر تشددًا يعكس تأثير اللوبيات السياسية والاقتصادية التي تحرص على إبقاء العلاقات مع إسرائيل دون انقطاع، حتى لو كان ذلك على حساب شعارات التضامن الرسمية.
 

انعكاسات القمة على القضية الفلسطينية
رغم الزخم الإعلامي والدعائي، لم تحقق القمة أي تقدم حقيقي على الأرض لصالح القضية الفلسطينية.
استعراض القمة الجماهيري لم يعكس أي خطوات عملية لدعم المقاومة، أو فرض حصار اقتصادي ودبلوماسي على إسرائيل، أو حتى فرض إجراءات ضغط فعالة.
وبهذا المعنى، فإن الشعوب التي تابعت القمة شعرت بخيبة أمل، إذ لم ترى أي انعكاس ملموس للخطابات على واقع حياتها أو على ممارسات إسرائيل في الأراضي المحتلة.

قمة الدوحة، على الرغم من خطاب التضامن والبيانات الختامية، لم تخرج بأي إجراءات فعلية تلزم إسرائيل أو تردعها عن استمرار انتهاكاتها.
كلمة إندونيسيا الصارمة، التي دعت إلى قطع العلاقات وحصار إسرائيل، كانت أكثر واقعية في الدعوة إلى خطوات ملموسة، لكنها أُقصيت عن البيان الختامي بسبب تحفظات الدول المطبعين مع تل أبيب.

القمة بذلك تبقى استعراضًا إعلاميًا شعبيًا، يعكس التباين بين الخطابات الرمزية والسياسة العملية، ويؤكد أن الشعوب الإسلامية لم تحصل بعد على خطوات ملموسة تدعم قضيتها الفلسطينية.