تتجه حكومة السيسي نحو تطبيق زيادات جديدة في أسعار البنزين والكهرباء خلال الأسابيع المقبلة، في خطوة تأتي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تزعم الدولة تنفيذه بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.

وفق مصادر مطلعة، تشمل الزيادة:

  • البنزين والسولار والمازوت: بزيادة تتراوح بين 7–15%.
  • الكهرباء المنزلية: بزيادة من 10–20%.
  • الكهرباء للقطاعين الصناعي والتجاري: بزيادة من 15–25%.

هذه الأرقام تأتي في وقت يعاني فيه المواطن من ضغوط معيشية متزايدة، وسط ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية.

 

إصلاح اقتصادي وتوازن مالي

رئيس وزراء حكومة السيسي، الدكتور مصطفى مدبولي، أكد أن الزيادة المرتقبة قد تكون الأخيرة ضمن خطة تحرير أسعار الطاقة، وبررها إلى عدة عوامل:

  • تطبيق آلية التسعير التلقائي المرتبطة بأسعار النفط العالمية وسعر صرف الجنيه.
  • تقليص الدعم تدريجيًا تنفيذًا لاتفاقات مع صندوق النقد الدولي.
  • ضبط الموازنة العامة وتقليل العجز المالي.
  • استمرار دعم جزئي للسولار لتخفيف الأثر على قطاع النقل والإنتاج الغذائي.

 

خبراء الاقتصاد: توقيت غير مناسب ومخاوف من التضخم

لكن هذه المبررات تواجه انتقادات واسعة من خبراء اقتصاديين يرون أن الحكومة تفتقر إلى الشفافية في عرض تفاصيل الدعم، وأن توقيت الزيادة غير مناسب في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، خاصة في ظل تراجع القوة الشرائية وارتفاع معدلات التضخم.

ويرى الخبراء أن التسعير التلقائي لا يُطبّق بشكل متوازن، إذ لا تنخفض الأسعار محليًا عند تراجعها عالميًا، وأضافوا أن الطبقة الكادحة تتحمل العبء الأكبر، في ظل ثبات الأجور وغياب دعم مباشر، كما أن القطاعات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة قد تواجه صعوبات في الاستمرار، ما يهدد فرص العمل.

وقال مصطفى شفيع، رئيس وحدة البحوث في شركة "عربية أون لاين"، إن "أي زيادة في أسعار المحروقات أو الكهرباء خلال الفترة المقبلة قد تعرقل مسار تراجع التضخم، الذي بدأ يشهد تحسنًا نسبيًا خلال الأشهر الأخيرة".

وحذر إبراهيم عادل، المحلل الاقتصادي، من أن "رفع أسعار الطاقة في أكتوبر أو نوفمبر قد يدفع التضخم إلى حدود 15%، ما يعكس حساسية المؤشرات الاقتصادية لأي تحرك في ملف الطاقة".

وأشارت آية زهير، رئيسة قسم البحوث بشركة "زيلا كابيتال"، إلى أن "الزيادة المرتقبة قد يكون أثرها التضخمي محدودًا نسبيًا بسبب وجود أثر قاعدي من زيادات سابقة، لكنها ستظل عبئًا إضافيًا على الأسر والقطاعات الإنتاجية".

 

موجة غلاء جديدة

الطبقة الكادحة ستكون الأكثر تأثرًا بهذه الزيادات، إذ ستنعكس مباشرة على أسعار النقل والسلع الأساسية، إلى جانب ارتفاع فواتير الكهرباء المنزلية. كما أن الصناعات الصغيرة والمتوسطة قد تواجه صعوبات في امتصاص الزيادة دون رفع الأسعار أو تقليص العمالة، ما يهدد فرص العمل ويزيد من الضغوط الاجتماعية، إضافة إلى التأثير غير المباشر على التعليم والصحة، إذ ترتفع تكاليف تشغيل المؤسسات الخدمية.

وفي الأحياء الشعبية، يعتمد السكان على أجهزة كهربائية بسيطة لكنها تستهلك طاقة، ستكون الزيادة محسوسة بشكل أكبر، ما يثير مخاوف من اتساع رقعة الفقر.

 

هل من بدائل؟

بينما تسعى الحكومة لتحقيق التوازن المالي وتنفيذ التزاماتها الدولية، فإن تجاهل الأثر الاجتماعي لهذه السياسات قد يؤدي إلى نتائج عكسية. ويطالب الخبراء بضرورة توسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات المتضررة، وإعادة النظر في توقيت الزيادة وربطها بتحسن المؤشرات الاقتصادية، وتعزيز الشفافية في عرض تفاصيل الدعم وآلية التسعير.

وتترقب مصر وصول بعثة الصندوق خلال شهر سبتمبر الجاري أو أكتوبر المقبل، لإجراء المراجعتَين الخامسة والسادسة لبرنامج قرض الصندوق. وتسعى الحكومة إلى جمع نحو ثلاثة مليارات دولار من حصيلة برنامج الطروحات الحكومية خلال العام المالي 2025-2026، انخفاضًا من مستهدفها السابق الذي يتراوح بين خمسة وستة مليارات دولار.