شهد حزب حماة وطن موجة استقالات جماعية هزّت أركان الحزب، بعد فضيحة حنان فايز التي كشفت تورّط عدد من قيادات الحزب في سلوكيات أخلاقية ومالية مشبوهة.

 

الاستقالات لم تكن مفاجئة، بل جاءت كنتيجة طبيعية لانهيار الثقة داخل الحزب نتيجة فساد الإدارة العليا، وهو فساد لم يكن معزولاً عن بيئة أوسع، بل هو انعكاس مباشر لسياسات السيسي التي روجت للاستغلال الشخصي للنفوذ وأطلقت العنان لممارسات غير قانونية داخل مؤسسات الدولة والأحزاب على حد سواء.

الأزمة التي يمر بها الحزب تكشف هشاشة النظام السياسي في مصر، حيث أصبح البرلمان مجرد أداة لتحقيق مصالح شخصية وتبادل مصالح مالية، وهو ما يعرف إعلامياً بـ"بزنس المقاعد البرلمانية".
هذا الوضع يعكس فساداً ممنهجاً بدأ من القمة واستمر إلى القاعدة، ما جعل المواطنين يفقدون الثقة في أي حزب أو مؤسسة برلمانية، ويحول الحياة السياسية إلى ساحة للصفقات والمصالح الشخصية.
 

تفاصيل الاستقالات الجماعية
أعلن عشرات من قيادات الحزب وعضويته عن استقالاتهم، بينهم أسماء بارزة كانت تشغل مناصب قيادية في الهيئات المركزية. أغلب المستقيلين أشاروا إلى فضائح الفساد الداخلي وعدم الشفافية في إدارة الحزب، بينما رفض آخرون التحدث علنًا، لاعتبارات تتعلق بحماية مواقعهم ومصالحهم المالية.

هذه الاستقالات تعكس انهياراً داخلياً للحزب، حيث أصبح القليل من الأعضاء قادرين على مواجهة شبكة الفساد التي نشأت بمباركة النظام، والتي حولت البرلمان والحياة الحزبية إلى أدوات لتحقيق مصالح شخصية على حساب المواطنين والمصلحة العامة. كما أنها تظهر أن الحزب فقد أي مصداقية أخلاقية وسياسية بسبب السياسات الحكومية التي تسمح بالاستغلال المالي للسلطة والنفوذ.
 

استقالات هيئة مكتب أمانة البدرشين
أعلن رئيس قطاع جنوب الجيزة بالحزب وأمين مركز البدرشين محمد عبد الله سعودي استقالات جماعية نيابة عن هيئة مكتب أمانة البدرشين وكافة التشكيلات القاعدية التابعة لها، موجّهًا الاستقالة إلى اللواء أحمد العوضي، القائم بأعمال رئيس الحزب، واللواء طارق نصير الأمين العام، والدكتور نافع عبد الهادي.

وأوضح سعودي في نص الاستقالة أن الاستمرار في مواقعهم أصبح مستحيلًا بسبب اعتماد معايير المال والنفوذ في اختيار المرشحين، بعيدًا عن الكفاءة والالتزام، وأن فرض مرشح غريب عن الدائرة بالباراشوت يهدم ما بُني خلال سنوات من تضحيات ويهمش أعضاء الحزب المخلصين.
 

استقالات أمانة بلقاس بمحافظة الدقهلية
تكرر الأمر في أمانات أخرى مثل بلقاس، حيث أعلن أمين المركز محمد جميل سراج الدين استقالته إلى أمين عام الدقهلية، إلى جانب أمين التنظيم والأمانات النوعية في المنطقة، متهمين الحزب بتقصير في الإدارة وغياب الشفافية والديمقراطية في اتخاذ القرارات، وانحراف الحزب عن أهدافه الوطنية.

وأشار سراج الدين في نص استقالته إلى أن ما حدث دفعهم إلى إعلان الاستقالة مع احتفاظهم بحقوقهم القانونية والإدارية في التعبير، مؤكداً أن التجاوزات المالية والرشاوى البرلمانية تهدد مصداقية الحزب.
 

السياق الانتخابي
من المقرر إجراء انتخابات مجلس النواب المقبلة قبل نهاية العام الجاري وفقًا للمادة 106 من الدستور، التي تحدد إجراء الانتخابات خلال الستين يومًا التي تسبق انتهاء مدة المجلس الأخير في 12 يناير 2026.
هذا السياق يضع ضغوطًا إضافية على الحزب، ويجعل الفضائح والاستقالات الجماعية مؤشرًا خطيرًا على تأثير المال والنفوذ على العملية الانتخابية ومصداقية الحزب.

والخلاصة فإن استقالات حزب حماة وطن بعد فضيحة حنان فايز وبزنس المقاعد البرلمانية ليست مجرد أزمة حزبية، بل هي انعكاس مباشر للفساد المستشري في المجتمع نتيجة سياسات السيسي.

هذا الفساد لم يعد يقتصر على الأفراد، بل أصبح نظامًا يفرض نفسه على كل المؤسسات السياسية، محولًا البرلمان والأحزاب إلى أدوات لتحقيق مصالح شخصية على حساب المواطن والمصلحة العامة.

ما حدث في الحزب يجب أن يكون بمثابة إنذار للجميع حول خطورة استمرار هذه السياسات على المستقبل السياسي والاجتماعي للبلاد.