على بعد ساعات من القمة العربية والإسلامية، وفي قلب مدينة ما زالت تحمل جرح العدوان الإسرائيلي الأخير، تتجه أنظار العرب والمسلمين إلى الدوحة، حيث ينعقد اجتماع استثنائي بعد أن امتزج الدم القطري والفلسطيني في مشهد يرمز إلى وحدة المصير.
وقد بدأت الوفود الرسمية بالتوافد، فيما حرصت الدوحة على إظهار تصميمها على أن تكون هذه القمة مختلفة عن سابقاتها التي اكتفت ببيانات إدانة محدودة السقف.
تحت سقف الهجوم الإسرائيلي
الدافع المباشر لاجتماع الغد هو العدوان الإسرائيلي على قطر، لكن خلفيته الأوسع تمتد إلى حرب غزة المستمرة منذ عامين تقريبًا، وما خلّفته من مجازر وأزمات إنسانية.
الاعتداء على الدوحة جعل الخطر الإسرائيلي سقفًا ملبدًا يظلل جميع العواصم العربية والإسلامية، وهو ما يفرض على القمة البحث عن ردع حقيقي يحد من العربدة الإسرائيلية المتصاعدة.
خيارات أمام القمة: بين الممكن والمأمول
1 - الإدانة والاستنكار
الخيار التقليدي الذي طبع بيانات القمم السابقة، لكنه يبدو غير كافٍ ولا متناسب مع حجم الاعتداء الأخير وما سبقه من انتهاكات متكررة.
2 - وقف التطبيع وسحب السفراء
خطوة مؤلمة لإسرائيل، خاصة أن تل أبيب بنت إستراتيجيتها على توسيع رقعة التطبيع. ورغم محدودية الدول المستعدة لذلك، فإن مجرد اتخاذ قرار بهذا الاتجاه سيمثل ضربة سياسية قوية.
3 - قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية
قرار لا يصل إلى حد القطيعة الكاملة لكنه يقلّص العلاقات، وقد يتطور إلى حصار اقتصادي إذا تضمن إغلاق المعابر والموانئ العربية والإسلامية أمام السفن الإسرائيلية، وتجميد الاتفاقيات الاستثمارية. نجاح هذا الخيار سيترك أثرًا نوعيًا على اقتصاد إسرائيل المأزوم.
4 - حملة دولية لإدانة إسرائيل
تعزيز المواقف العالمية التي ارتفعت أصواتها في أوروبا وأميركا الشمالية وأفريقيا، لكنه حتى الآن بقي ضعيف الصدى في الموقف العربي والإسلامي الرسمي.
5 - الضغط على حلفاء إسرائيل
خاصة الولايات المتحدة التي يُنظر إليها كطرف أساسي في استمرار العدوان، وهو مسار يحتاج جرأة سياسية وأدوات تأثير فعّالة.
6 - تفعيل الدفاع العربي والإسلامي المشترك
تعزيز التنسيق الأمني والعسكري لردع أي اختراق جديد في الأجواء أو الأراضي، وهو مسار نظري أكثر منه عملي بحكم الخلافات بين العواصم.
7 - تزكية الوساطة القطرية والمصرية
من المرجح أن تمنح القمة دعمًا إضافيًا لجهود الدوحة والقاهرة في الوساطة بين حماس وإسرائيل، خصوصًا بعد أن تحوّل الهجوم على قطر إلى اعتداء مباشر على مساعي السلام.
8 - وقف العدوان على غزة
بند أساسي في البيان المرتقب، مع احتمالية البحث في خطوات عملية مثل فتح معبر رفح وإدخال المساعدات تحت حماية عربية – إسلامية، والشروع في إعمار غزة.
سيناريوهات بين الطموح والواقعية
تعددت المقترحات، لكن المراقبين يستبعدون خيار المواجهة العسكرية، في ظل غياب وحدة الموقف العربي والإسلامي. وبالتالي يبقى الصوت السياسي والدبلوماسي إلى جانب السلاح الاقتصادي هما الورقتان الأقرب للتنفيذ.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن الدول العربية والإسلامية تملك الكثير من الأوراق القادرة على ردع العدوان، إذا ما توفرت الإرادة السياسية لاستخدامها.
الرهان على الاستثناء
يبقى السؤال: هل تكتفي القمة العربية الإسلامية ببيانات الإدانة والشجب كما جرت العادة، أم تنجح في إخراج رادع عملي يجعل من الدوحة محطة مفصلية في تاريخ المواجهة مع الاحتلال؟
بين طموحات الشارع ورهانات الحكومات، يظل الباب مفتوحًا أمام الاستثناء، كما ظلّت السماء العربية والإسلامية مفتوحة أمام صواريخ الاحتلال.