أكد الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن الرأي العام العربي والإسلامي الغاضب من جرائم الاحتلال الإسرائيلي لا ينتظر من قمة الدوحة الطارئة – المنعقدة اليوم الاثنين – بيانات شجب وإدانة “لا تسمن ولا تغني من جوع”، أو مناشدات للأمم المتحدة ومجلس الأمن، بل يترقب إجراءات عملية تُوجع الاحتلال وتزيد من عزلته الدولية.
وأشار عبد السلام – رئيس قسم الاقتصاد في موقع وصحيفة العربي الجديد - إلى أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، الذي أوقع ستة شهداء على الأقل، رفع سقف الغضب الشعبي وألقى على القمة مسؤولية ثقيلة، لكن في المقابل لا ينبغي المبالغة في التوقعات، لأن تجارب القمم السابقة أثبتت محدودية قراراتها.
سقف منخفض للتوقعات
ويرى عبد السلام أن من غير الواقعي انتظار قرارات "ثورية" من القمة مثل إلغاء اتفاقات السلام مع إسرائيل أو قطع العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء أو التلويح بسلاح النفط والغاز، رغم أن هذا السلاح أثبت فعاليته في حرب أكتوبر 1973 حين ارتفعت أسعار الطاقة عالميًا.
وأكد أن لغة المصالح والصفقات الاقتصادية غالبًا ما تتقدم على أي اعتبارات أخرى، لكن ذلك لا يمنع من أن لدى الدول العربية والإسلامية أوراق ضغط اقتصادية مؤثرة يمكن أن تُستخدم ضد إسرائيل.
الاقتصاد.. السلاح الأكثر تأثيرًا
بحسب عبد السلام، فإن البداية تكون بقطع العلاقات التجارية والاستثمارية مع إسرائيل، وإلغاء الاتفاقات التي أبرمت خصوصًا بعد 2020، ووقف تدفق الشاحنات العربية إلى الأسواق الإسرائيلية.
كما يمكن إغلاق الموانئ العربية في وجه السفن الإسرائيلية، ومنع مرورها عبر الممرات الحيوية مثل قناة السويس وباب المندب والخليج العربي، إضافة إلى إغلاق الأجواء العربية أمام حركة الطيران الإسرائيلي ووقف الرحلات المباشرة من العواصم العربية إلى تل أبيب.
وتشمل الإجراءات المقترحة أيضًا فرض قيود على السياحة والعمالة العربية إلى إسرائيل، وملاحقة المنتجات الإسرائيلية في الأسواق المحلية، ومعاقبة الموردين العرب أو الأجانب الذين يسهلون دخول هذه السلع.
إحياء مكتب المقاطعة العربية
ولفت الخبير الاقتصادي إلى ضرورة تنشيط مكتب مقاطعة إسرائيل التابع للجامعة العربية، والذي تأسس عام 1951، بحيث لا يقتصر دوره على إعداد لائحة سوداء للشركات المتعاملة مع الاحتلال، بل يمتد لملاحقة الشركات العربية التي تزود إسرائيل باحتياجاتها من سلع وخدمات، وفضحها علنًا لردع أي محاولة تطبيع اقتصادي.
كما دعا إلى معاقبة الشركات العالمية التي تستثمر في إسرائيل من خلال حرمانها من أسواق الدول العربية والإسلامية، ومنحها مهلة للاختيار بين الانسحاب من دولة الاحتلال أو مغادرة أسواق المنطقة.
أوراق ضغط بيد الدول منفردة
أوضح عبد السلام أن بعض الدول قادرة منفردة على إلحاق خسائر كبيرة بإسرائيل:
- الإمارات تستطيع تجميد المشروعات الضخمة التي أطلقتها مع الاحتلال عقب اتفاق إبراهام، مثل صندوق الاستثمار بـ10 مليارات دولار واتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.
- المغرب يمكنه إلغاء صفقة أسلحة إسرائيلية قيمتها مليار دولار وتجميد التعاون الزراعي والطبي والسياحي.
- مصر تملك ورقة الغاز بقيمة 25 مليار دولار، إضافة إلى اتفاقية الكويز، والتبادل التجاري عبر أكثر من 300 شركة.
- الأردن والبحرين والسلطة الفلسطينية لديها أيضًا عقود طاقة وصفقات غاز مع إسرائيل يمكن تجميدها.
الدور الإسلامي: تركيا وماليزيا نموذجًا
أما الدول الإسلامية، فيمكنها التصعيد بطرق مختلفة. تركيا اتخذت بالفعل قرارًا بقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل وإغلاق مجالها الجوي أمام طائراتها. أما ماليزيا فقد سبقت الجميع بإعلان نهاية 2023 منع رسو أي سفن إسرائيلية أو متوجهة إلى إسرائيل في موانئها، وهو نموذج يمكن تعميمه.
بين العزم والتردد.. ماذا تفعل القمة؟
يخلص عبد السلام إلى أن القادة العرب والمسلمين يملكون أوراقًا ضاغطة وفعالة لمعاقبة إسرائيل والضغط عليها اقتصاديًا، غير أن السؤال المطروح يبقى: هل ستخرج قمة الدوحة بهذه الأوراق في وجه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، أم تكتفي مجددًا بورقة الشجب والإدانة؟