أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم المعارضة يائير لابيد تصريحات حادة، اعتبر فيها أن إسرائيل تمر بمرحلة انهيار سياسي ومواجهة مقاطعة دولية واسعة النطاق، محملاً حكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية إدخال البلاد في عزلة غير مسبوقة على الساحة الدولية.

وقال لابيد في منشور على منصة "إكس": "في المجال الرياضي والثقافي والأعمال التجارية وخاصة في العلاقات الدولية مع دول العالم، تواجه إسرائيل حالة من الانهيار السياسي والمقاطعة التاريخية.
الحكومة التي تشكلت في السابع من أكتوبر تقودنا نحو العزلة الدولية، دون إدراك عمق الأزمة وبدون امتلاك أي إستراتيجية مضادة".
 

عزلة سياسية وارتباك دولي
تصريحات لابيد تعكس حجم التحديات التي تواجهها إسرائيل بعد قرابة عامين من الحرب المستمرة على قطاع غزة.
إذ تزايدت الإدانات الدولية ضد العمليات العسكرية الإسرائيلية، وارتفعت أصوات المنظمات الحقوقية التي تتهم تل أبيب بارتكاب انتهاكات جسيمة.

ويقول محللون إن سياسات حكومة نتنياهو المتشددة أدت إلى عزلة دبلوماسية متنامية، خاصة بعد الهجوم الأخير على العاصمة القطرية الدوحة، الذي أثار موجة غضب عربي ودولي واعتبر خرقًا صارخًا للقانون الدولي وسيادة الدول.
 

انتقادات سابقة لملف الرهائن
لطالما اتخذ لابيد موقفًا نقديًا من تعامل حكومة نتنياهو مع ملف الرهائن المحتجزين في غزة، معتبرًا أن الحكومة لم تُبدِ جدية كافية في التوصل إلى صفقة للإفراج عنهم.
وفي تصريحات سابقة، اتهم زعيم المعارضة الإسرائيلي الحكومة بأنها "لا تحاول حتى إعادتهم إلى ديارهم"، محذرًا من أن تجاهل هذه القضية الحساسة يزيد من الضغوط الداخلية والخارجية على إسرائيل.
 

التناقض بين الدعم العسكري والقلق الإنساني
اللافت أن لابيد أبدى في وقت سابق ترحيبه بالهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قادة حركة حماس السياسيين في الدوحة، حيث نشر فور الإعلان عن العملية تهنئة للجيش الإسرائيلي وعبّر عن فرحته بالضربة الجوية.

غير أنه عاد سريعًا ليبدي قلقه العميق من تداعيات مثل هذه العمليات على مصير الرهائن في غزة، متسائلًا: "هل أخذ الخطر على حياتهم بعين الاعتبار عند اتخاذ القرار؟".
هذا التناقض بين التأييد العسكري والتحفظ الإنساني يعكس حالة الارتباك داخل المعارضة الإسرائيلية نفسها، حيث يحاول قادتها الموازنة بين دعم المؤسسة العسكرية من جهة، والضغط على الحكومة بسبب فشلها السياسي من جهة أخرى.
 

الانعكاسات على الداخل الإسرائيلي
تأتي تصريحات لابيد في وقت يواجه فيه المجتمع الإسرائيلي انقسامًا داخليًا متزايدًا، بين تيار يؤيد العمليات العسكرية بلا حدود باعتبارها السبيل الوحيد لمواجهة حماس، وتيار آخر يرى أن هذه السياسات لم تحقق أهدافها بل عمّقت عزلة إسرائيل الدولية وزادت من أزماتها الاقتصادية والسياسية.

ويشير مراقبون إلى أن تزايد المقاطعة الدولية لإسرائيل في مجالات الرياضة والثقافة والأعمال يشكل ضغطًا نفسيًا ومعنويًا على الداخل، خاصة وأن هذه المجالات تمثل نافذة للتواصل مع العالم الخارجي وتلميع صورة الدولة.
 

مستقبل المعارضة ومصير الحكومة
بتصريحاته الأخيرة، يسعى لابيد إلى تعزيز موقعه كبديل سياسي محتمل لحكومة نتنياهو، عبر تسليط الضوء على فشل الحكومة في إدارة الملفات الكبرى، سواء ملف الرهائن أو العلاقات الدولية أو حتى مستقبل الحرب في غزة.

غير أن تحديات كبيرة تواجه المعارضة الإسرائيلية، إذ لا تزال المؤسسة الأمنية والعسكرية تمثل مركز الثقل في اتخاذ القرارات، فيما يجد لابيد نفسه مطالبًا بمواقف أكثر وضوحًا إزاء استمرار العمليات العسكرية وحماية المدنيين، سواء في الداخل أو في غزة.

تصريحات يائير لابيد الأخيرة تعكس حجم المأزق الذي تمر به إسرائيل داخليًا وخارجيًا.
فبينما تواصل حكومة نتنياهو عملياتها العسكرية بلا أفق سياسي واضح، يجد قادة المعارضة أنفسهم أمام معادلة صعبة: دعم الجيش في عملياته من جهة، والتحذير من العزلة السياسية والإنسانية التي تقود البلاد نحو مستقبل مجهول من جهة أخرى.

وبينما تتزايد الإدانات الدولية وتتعمق أزمة الرهائن وتتصاعد موجة المقاطعة في المجالات المختلفة، يبدو أن إسرائيل بالفعل تقف على أعتاب مرحلة غير مسبوقة من الانهيار السياسي والعزلة، كما وصفها لابيد، وسط غياب أي استراتيجية واضحة للخروج من هذا النفق.