في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة وما يرافقه من حصار وتجويع ودمار، تتوالى رسائل التحدي من اليمن الذي اختار أن يكون جزءًا من معادلة المقاومة.
فقد أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الخميس، أن مقذوفًا سقط في البحر الأحمر بالقرب من سفينة تجارية قبالة السواحل اليمنية.
وأكدت الهيئة أن السفينة وطاقمها بخير، وأنها واصلت رحلتها نحو وجهتها التالية. ورغم أن البيان لم يحدد توقيت الواقعة، إلا أن مغزى العملية كان واضحًا: البحر الأحمر لم يعد ممرًا آمنًا للسفن ذات الصلة بإسرائيل.
الحوثيون يربطون البحر الأحمر بغزة
منذ اندلاع حرب غزة، تبنّت قوات الحوثيين نهجًا يقوم على جعل البحر الأحمر جزءًا من جبهة المواجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي. الهجمات البحرية، التي تتكرر بوتيرة متصاعدة، لم تعد مجرد ضربات عابرة، بل تحولت إلى سياسة ردع ورسائل مباشرة بأن الإبادة في غزة لن تمر دون ثمن، وأن اليمن مستعد لاستخدام موقعه الاستراتيجي لفرض معادلة جديدة على المنطقة.
دلالة الرمز والقوة
رغم أن الحادث الأخير لم يسفر عن أضرار أو إصابات، إلا أن رمزيته كبيرة. فمجرد سقوط مقذوف بالقرب من سفينة في ممر بحري حيوي يكفي لرفع حالة القلق لدى القوى الكبرى والشركات العالمية.
الحوثيون ينجحون بذلك في إثبات قدرتهم على جعل البحر الأحمر ساحة ردع تربط بين صمود غزة وامتداد المقاومة الإقليمي.
جزء من معركة أوسع
لا يمكن فصل صمود المقاومة اليمنية عن مشهد أوسع يضم لبنان وسوريا والعراق وغزة. كل جبهة تضيف عنصر ضغط مختلفًا على إسرائيل، سواء بالصواريخ أو العمليات البرية أو الضربات البحرية. والرسالة الأهم هي أن معركة غزة لم تعد محصورة في حدودها الجغرافية، بل تحولت إلى قضية أمّة تجد صداها في الساحات العربية.
تحدٍ للقوى الكبرى
إعلان هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية يعكس حجم القلق الغربي من هذه العمليات، إذ إن البحر الأحمر يعد شريانًا حيويًا للتجارة العالمية. ومع ذلك، فإن استمرار الهجمات رغم الضغوط والتهديدات يكشف عن صلابة موقف الحوثيين وإصرارهم على المضي في هذا المسار حتى تتوقف الإبادة في غزة.
اليمن يربط جراحه بالقضية الفلسطينية
ما يميز هذه التجربة أن اليمن، رغم معاناته من حرب وحصار طويلين، لم يحصر نفسه في حدود الدفاع الذاتي، بل وسّع دائرة المقاومة لتشمل القضية الفلسطينية. هذه الخطوة جعلت صوته حاضرًا في الشارع العربي والإسلامي كرمز للتضحية والتضامن العملي.
فكل صاروخ ينطلق من البحر الأحمر يُقرأ باعتباره صرخة في وجه العدوان الإسرائيلي ورسالة أن غزة ليست وحيدة.
الواقعة الأخيرة في البحر الأحمر ليست إلا فصلًا جديدًا من رواية تحدٍّ يكتبها اليمنيون رغم الجراح. إنها رسالة متكررة للعالم بأن صمود غزة يجد سندًا فعليًا في ساحات أخرى، وأن المقاومة اليمنية لن توقف ضرباتها إلا بتوقف المجازر في القطاع.
لقد أراد الحوثيون أن يقولوا بوضوح: الإبادة في غزة لن تمر دون رد، والبحر الأحمر لن يكون ممرًا آمنًا للسفن المرتبطة بإسرائيل حتى ينتهي العدوان. إنها معادلة مقاومة وصمود تتجاوز حدود الجغرافيا، وتعيد الاعتبار لإرادة الشعوب في مواجهة الهيمنة والظلم.