كشف الخبير الاقتصادي، مصطفى عبد السلام، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثار جدلًا واسعًا بعد أن لوّح بوقف العمل بالاتفاقية الضخمة لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، والتي تم توقيعها قبل أيام بقيمة 35 مليار دولار وتمتد حتى عام 2040. وتُعد هذه الاتفاقية الأضخم في تاريخ دولة الاحتلال، وتنص على توريد الغاز المسال لمصر لمدة 15 عامًا.
وقال عبد السلام في مقاله " صفقة الغاز وتهديد نتنياهو والأسئلة الحائرة" بموقع "العربي الجديد" إنه رغم التوقعات بأن يصدر رد رسمي قوي من مؤسسة الرئاسة المصرية أو من وزير الخارجية بدر عبد العاطي أو حتى رئيس وزراء حكومة السيسي، مصطفى مدبولي، جاء الموقف المصري هذه المرة عبر ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات، الذي تحدث في برنامج تلفزيوني مساء الأربعاء.
الموقف المصري: "التصريحات استفزاز سياسي"
وأكد أن رشوان وصف تصريحات نتنياهو بشأن إلغاء الصفقة بأنها مجرد "استفزاز سياسي"، مضيفًا بنبرة تهديد:
"أنصح نتنياهو، إذا كان يملك الجرأة، أن يلغي اتفاقية الغاز مع مصر... سيكون هو الخاسر، ولن تتأثر مصر لأنها تمتلك بدائل للتعامل مع أي سيناريو".
كما أكد رشوان أن الحديث عن اعتماد مصر على مسار واحد للطاقة "مجرد وهم"، مشددًا على أن الدولة المصرية تضع بدائل استراتيجية للتعامل مع مختلف الاحتمالات.
جدل حول المكاسب الاقتصادية
وذهب الخبير الاقتصادي إلى أن كلام رشوان فتح الباب مجددًا أمام تساؤلات عديدة حول جدوى الصفقة ومكاسبها الحقيقية. فمن جهة، يحذّر المسؤول المصري من خسائر اقتصادية لإسرائيل حال إلغاء الصفقة، وهو ما يؤكد أن الفوائد تصب في صالح الاحتلال، لا سيما مع معاناة موازنة تل أبيب من عجز حاد.
ويُتوقع أن تُوجَّه التدفقات المالية المصرية لصالح الخزانة الإسرائيلية لتمويل مشاريع بنية تحتية مثل المدارس والمستشفيات والطرق، وربما لشراء الأسلحة المستخدمة في حرب غزة المستمرة منذ عامين، وهو ما سبق أن أقر به نتنياهو عام 2020 ووزير الطاقة الإسرائيلي في أغسطس 2025.
أسئلة حائرة بلا إجابات
وأضاف عبد السلام أن الجدل لم يتوقف عند حدود التصريحات والردود، بل تصاعد مع طرح عدة تساؤلات لا تزال من دون إجابة واضحة:
- إذا كانت الصفقة في صالح الاقتصاد المصري كما يُروَّج، فلماذا يؤكد رشوان أن خسائرها الاقتصادية ستقع على إسرائيل وحدها؟
- إذا كانت لدى مصر بدائل للغاز وربما بأسعار أرخص، فلماذا الإصرار على الاستيراد من إسرائيل تحديدًا في هذا التوقيت الحساس؟
- لماذا لا تستغل القاهرة تهديدات نتنياهو كمبرر لإلغاء الاتفاقية، خاصة وأنها لم تُعرض بعد على مجلس الوزراء أو البرلمان المصري، أو حتى على الجانب الإسرائيلي الرسمي؟
- هل نحن أمام صفقة تحمل أبعادًا سياسية خفية، وربما يتم تصويرها كإنجاز يصب في "الأمن القومي المصري"، بينما هي في الحقيقة تخدم مصالح الاحتلال أكثر؟
صفقة غامضة ومستقبل مفتوح
وأكد أنه في ظل غياب الشفافية بشأن تفاصيل الاتفاقية، وتزايد التهديدات والردود المتبادلة، تبقى صفقة الغاز بين القاهرة وتل أبيب محاطة بالغموض والشكوك. وبينما يرى البعض أنها إنجاز اقتصادي لمصر، يعتبرها آخرون ورقة ابتزاز سياسي واقتصادي بيد إسرائيل.