منذ فجر اليوم الخميس، لا تزال غارات الاحتلال الإسرائيلي تتساقط على أحياء غزة، ولا سيما حي الشيخ رضوان، مستهدفةً المستشفيات والملاجئ ومراكز الإيواء. تحت وطأة هذا التصعيد، يستمر القصف في جرّ وقوع شهداء ومصابين وسباق سكان القطاع مع الموت للنزوح من ديارهم. ورغم ما تعكسه هذه المأساة من اختلال إنساني، يبرز الصمت العربي والدولي بأقصى درجات الخذلان، إذ تقتصر المُدانة غالبًا على بيانات بلا تأثير. في هذا التقرير نطلّع على آخر الأرقام منذ فجر اليوم، في محاولة لرصد حجم الجريمة الحيّة التي تُمارَس أمام أعين العالم.
حصيلة الشهداء والمصابين منذ فجر اليوم الخميس
بحسب رويترز، سُجّل ما لا يقل عن 24 شهيدًا منذ فجر الخميس، معظمهم من المدنيين بمن فيهم أطفال، جراء قصف متواصل على مناطق في غزة، خاصة الشيخ رضوان.
أما عدد المصابين اليوم تحديدًا، فلم تُعلن عنه أرقام مباشرة في المصادر المتاحة حتى الآن، لكن تقارير سابقة تشير إلى وقوع “عشرات” الإصابات خلال الليلة السابقة، مما يشير إلى أن الأعداد تستمر في التراكُم دون توقف.
نزوح قسري يتصاعد… بوجه مجهول
على الرغم من أن الإخلاء مناطقي يُعلن عنها باعتبارها “مناطق خطرة”، فإن الواقع عمْليًا يشهد نزوحًا جماعيًا مستمراً منذ الفجر، دون وجود بدائل ملائمة أو آمنة.
بحسب وكالة الأنباء الأمريكية AP، فإن 14,840 شخصًا فقط قد تمكنوا من النزوح جنوبًا إلى مناطق مكتظة وغير آمنة، رغم مجمل سكان غزة يسعون للهروب من الموت والدمار المستمر.
هذا الرقم يوضح مقدار الفجوة الشاسعة بين عدد الراغبين في الهرب والذين تمكنوا فعلاً من النزوح، في ظل ظروف صحية وإنسانية كارثية.
الصمت العربي والدولي… حيث تتقاطع الفاجعة واللامبالاة
في حين يُرتكب العنف بحق المدنيين، تبدو مقدمات الخطابات العربية الرسمية ناقصة، وقد تحوّلت العواصم إلى ساحات دبلوماسية تطغى عليها المصالح الضيقة، بدل الوقوف إلى جانب المنكوبين.
على الصعيد الدولي، نجد أن هناك تواطؤًا ضمنيًا يشمل دعمًا عسكريًا لدولة الاحتلال، مما يُتيح لها مواصلة الحملة دون رادع حقيقي، بينما تُكتفى جهات عدة بتصريحات شجبٍ معلّبة، بعيدًا عن خطوات فعلية لوقف المجازر.
المستشفيات تحتضن الجرحى والشهداء: حصيلة منذ فجر الخميس
منذ فجر اليوم الخميس، شهد قطاع غزة ارتفاعًا مأساويًا في عدد الضحايا، بينما المشهد داخل المستشفيات يعكس ضخامة الكارثة الإنسانية:
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن 113 شهيدًا و304 مصابين وصلوا إلى المستشفيات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، ضمنها منذ فجر الخميس فقط. من بين هؤلاء، 33 شهيدًا و141 مصابًا كانوا من منتظري وصول المساعدات الإنسانية.
وفقًا لمصادر صحفية، فإن عدد الشهداء منذ فجر اليوم بلغ 24 شهيدًا، نقلتهم مستشفيات متعددة إلى مواقعها طبية.
وتفصيلًا حسب المشفى:
- 25 شهيداً نُقلوا إلى مستشفى الشفاء.
- 6 شهداء إلى عيادة الشيخ رضوان.
- 7 شهداء إلى المستشفى الأهلي العربي (“المعمداني”).
- 5 شهداء إلى مستشفى حمد للتأهيل.
- 1 شهيد إلى مستشفى العودة.
- 12 شهيداً إلى مستشفى شهداء الأقصى.
- 23 شهيداً إلى مستشفى ناصر.
هذه الأرقام تثبت أن العدوان لا يستثني أحدًا، وأن المستشفيات، رغم نقص الوقود والأدوية، تواصل عملها الإنقاذي وسط ظروف تتخطى كل التعليمات الإنسانية.في الوقت ذاته، النازحون يكافحون من أجل البقاء؛ العائلات تتكدس في الخيام والمدارس، وأطفال يختبئون بلا حماية حقيقية، وسط مشهد إنساني مأساوي يُعيد طرح السؤال: هل هذه سيادة للحياة أم موت تدريجي في وضح النهار؟
ومنذ فجر اليوم الخميس، تستمر آلة القتل في غزة بلا هوادة، تاركة وراءها شهداء، ونازحين في رحلة موت، وحياة مُهدرة في مناطق لا تُعدّ “آمنة” حتى بالاسم.
الأرقام تتحدث بصوتها: 24 شهيدًا على الأقل، عشرات المصابين، وآلاف العالقين الذين لم يجدوا سبيلًا للنزوح.
في المقابل، يقف العالم لا على مقربة من المسؤوليّة، بل في موقف يشبه الشاهد غير المتحرك.
ومع ذلك، يصر أهالي غزة على رفع راية الصمود، صامدين في مستشفيات بلا كهرباء، وخراب دون أمل، يُثبتون أن الحق لا يُقهر، فما بقي من إنسانية يجب أن تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.