شهدت جبهة جنوب قطاع غزة تطورات ميدانية متسارعة خلال الساعات الماضية، حيث أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، مقتل جندي إسرائيلي ينتمي إلى الفرقة 36 خلال معركة عنيفة دارت في محور التوغلات العسكرية جنوبي القطاع. ويأتي هذا الإعلان في وقت تتصاعد فيه المواجهات على أكثر من جبهة بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، التي تواصل منذ أشهر إلحاق خسائر متلاحقة بالجيش الإسرائيلي.
وفي تفاصيل متزامنة، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، عن إصابة جنديين آخرين بجروح وُصفت بأنها نتيجة "حادث عملياتي" وقع في المنطقة نفسها التي تشهد معارك متواصلة، الأمر الذي يعكس حجم التوتر والارتباك داخل صفوف قوات الاحتلال في بيئة ميدانية معقدة تشكل تحدياً لآلياته وجنوده.
كما أضافت الإذاعة أن حصيلة قتلى الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب الأخيرة على قطاع غزة ارتفعت إلى 900 قتيل، في إشارة إلى حجم الخسائر البشرية غير المسبوقة التي تكبّدها الاحتلال في جولات الصراع الأخيرة. هذه الأرقام تأتي في وقت تتحدث فيه مؤسسات إسرائيلية داخلية عن أزمة ثقة متنامية في أداء الحكومة والقيادة العسكرية، وسط تزايد الضغوط الشعبية المطالبة بوقف الحرب أو إعادة تقييم مسارها.
من جانبها، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، في بيان لها، أنها استهدفت فجر يوم السبت تجمعاً لجنود الاحتلال وآلياته العسكرية المتوغلة جنوبي حي الزيتون، جنوب مدينة غزة، بعدد من قذائف الهاون، مؤكدة إصابة مباشرة في صفوف القوات الإسرائيلية. وأضاف البيان أن مقاتليها يواصلون التصدي للاقتحامات البرية ومحاولات الاحتلال تثبيت وجود عسكري في المناطق الشرقية للقطاع.
وتزامناً مع ذلك، تؤكد مصادر ميدانية أن قوات الاحتلال باتت تواجه صعوبة كبيرة في التقدم داخل الأحياء السكنية المكتظة، حيث يعتمد مقاتلو المقاومة على أسلوب الكرّ والفرّ، وزرع الكمائن، وتنفيذ عمليات قصف مفاجئة باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وقذائف الهاون. هذه التكتيكات أدت إلى خسائر ملموسة في صفوف الجنود والآليات، ما يضع الجيش الإسرائيلي أمام معضلة عسكرية متكررة كلما حاول التوغل في عمق غزة.
وعلى الرغم من استمرار الحصار الإسرائيلي الخانق على القطاع، وإغلاق جميع المعابر، وقطع الإمدادات الأساسية، فإن فصائل المقاومة تواصل – بحسب مراقبين – إثبات قدرتها على الصمود الميداني وإرباك خطط الاحتلال. كما يشير محللون عسكريون إلى أن طول أمد المعركة وارتفاع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي يضاعفان من كلفة الحرب على المستويين العسكري والسياسي، في وقت يواجه فيه قادة الاحتلال انتقادات دولية متصاعدة بسبب الخسائر البشرية بين المدنيين الفلسطينيين واستمرار العمليات العسكرية دون أفق سياسي واضح.
وبحسب معطيات مراكز بحث إسرائيلية، فإن الحرب الدائرة منذ عامين، لم تحقق أهدافها المعلنة حتى الآن، في مقدمتها "إضعاف بنية المقاومة" أو "تحقيق الردع"، بل على العكس، ساهمت في تعزيز حالة المقاومة الشعبية والعسكرية، وأعادت إنتاج معادلة الاستنزاف بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية.