صعّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من لهجتها تجاه إيران، مطالبةً بالسماح الفوري لمفتشيها بالوصول إلى المنشآت النووية، في خطوة تأتي وسط توتر متزايد على خلفية تخصيب طهران لليورانيوم بنسبة 60%، وهو ما تراه الوكالة اقترابًا خطيرًا من مستوى الاستخدام العسكري.
لكن في المقابل، تواصل الوكالة، ومعها المجتمع الدولي، غضّ الطرف عن ترسانة إسرائيل النووية غير المعلنة، ما يثير تساؤلات متجددة حول ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي على برامج التسلّح النووي في الشرق الأوسط.

وقال المدير العام للوكالة، رافاييل غروسي، في افتتاح اجتماع طارئ بمقر المنظمة في فيينا اليوم الاثنين: "يجب السماح للمفتشين بالعودة إلى المنشآت والكشف على مخزون اليورانيوم، خصوصاً المخصب بنسبة 60%، وهو مستوى لا يمكن تجاهله".
وأشار إلى أن إيران أبلغته عبر رسالة رسمية بتاريخ 13 يونيو بأنها بدأت باتخاذ "تدابير خاصة لحماية المعدات والمواد النووية"، دون توضيح طبيعة هذه التدابير.

من جانبها، ردّت طهران بغضب على تصريحات غروسي وتحركات الوكالة، معتبرة أن الأخيرة تحولت إلى "أداة سياسية بيد القوى الكبرى"، بحسب ما نقلته وسائل إعلام رسمية عن رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، الذي كشف عن مساعٍ لإقرار قانون يعلّق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية "إلى حين الحصول على ضمانات موضوعية بأن المنظمة ستتصرف بمهنية".

وفي السياق نفسه، قال روح الله متفكر آزاد، عضو هيئة رئاسة البرلمان، إن المشروع المطروح للنقاش "سيرد بقوة على الضغوط الغربية ويمنع استخدام الوكالة كوسيلة للابتزاز الدبلوماسي".
 

تحذير دولي من الانفجار
   تحركات الوكالة تجاه إيران تأتي بعد جلسة خاصة لمجلس الأمن عقدت الأحد، حذر خلالها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من خطورة تدهور الوضع.
ودعا غوتيريس إلى "السماح الكامل لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالدخول إلى المواقع النووية الإيرانية"، مشددًا على ضرورة التزام جميع الدول بمعاهدة عدم الانتشار النووي.

من جهته، قال غروسي في مداخلته أمام المجلس إن نظام عدم الانتشار "أصبح على المحك"، خصوصاً بعد الهجمات التي طالت منشآت نووية إيرانية خلال الأشهر الماضية – في إشارة إلى التفجيرات الغامضة التي نُسبت إلى إسرائيل.
وأضاف: "لدينا فرصة صغيرة للعودة إلى الحوار والدبلوماسية، وإن تلاشت، فقد نشهد انهياراً لنظام عدم الانتشار العالمي كما نعرفه".
 

تجاهل دولي للترسانة الإسرائيلية
   ورغم الضغوط المكثفة على طهران، لم تتطرق لا الوكالة الدولية ولا مجلس الأمن إلى البرنامج النووي الإسرائيلي، الذي يُعتقد أنه يتضمن عشرات الرؤوس النووية، في ظل امتناع إسرائيل عن التوقيع على معاهدة عدم الانتشار، ورفضها السماح بأي تفتيش دولي.

هذا الصمت المستمر يثير انتقادات واسعة داخل إيران، وداخل عدد من دول الجنوب العالمي، التي ترى في ذلك مثالاً صارخاً على الازدواجية في المعايير الدولية.

وفي هذا الإطار، علّق مسؤول إيراني بارز – فضل عدم الكشف عن اسمه – قائلاً: "في الوقت الذي تُحاسَب فيه إيران على تخصيب اليورانيوم في وضح النهار، تواصل إسرائيل تطوير ترسانتها النووية في الظلام، وبدعم دولي غير معلن".