شهدت الأيام الأخيرة في مصر إعلان حكومة الانقلاب برئاسة عبد الفتاح السيسي عن فرض زيادة مفاجئة وكبيرة في رسوم المرور على طرق الجيش وأراضيه، حيث تم فرض إتاوات جديدة بقيمة 1500 جنيه للمرور على هذه الطرق، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الشارع المصري وأوساط المعارضة السياسية والأكاديمية.

أما تفاصيل الزيادة في رسوم الطرق الذكية، فقد تم الإعلان عنها في فبراير 2025، حيث شملت زيادة سنوية في قيمة الرسوم تصل إلى 6%، مع تحديد رسوم ثابتة لمختلف أنواع المركبات، لكن لم يرد تحديد مباشر لرسوم 1500 جنيه للمرور على طرق الجيش في المصادر الرسمية المتاحة، مما يشير إلى أن هذه الزيادة قد تكون جزءاً من تطبيقات جديدة أو رسوم خاصة لم تُعلن بشكل موسع بعد.

 

مراحل صدور قرار تعديل قانون المرور في مصر بعدة مراحل خلال السنوات الأخيرة، وأبرزها:

• في 31 مارس 2024، صدق قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 17 لسنة 2024، الذي يعدل بعض أحكام قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، بهدف زيادة الحد الأقصى لتطوير اللوحات المعدنية للمركبات ودعم التقنيات التكنولوجية الحديثة لضبط حركة المرور.

• في 18 ديسمبر 2024، وافق مجلس وزراء الانقلاب على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 121 لسنة 2008 المعدل لبعض أحكام قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973.

• في 19 يناير 2025، صدر مرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2025 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 67 لسنة 1976 في شأن المرور، تضمن تعديلات على مواد متعددة من قانون المرور، مع تطبيقه بعد صدوره رسمياً.

بالتالي، آخر تعديل رسمي لقانون المرور صدر في يناير 2025، بعد موافقة مجلس الوزراء في ديسمبر 2024 وتصديق قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي في مارس 2024 على تعديلات سابقة.

وفي هذا السياق أشارت الدكتورة ندى الشربيني خبيرة تنمية: هذه الزيادة تؤشر إلى غياب رؤية اقتصادية شاملة، فبدلًا من تخفيف الأعباء، تتم دورة أموال من جيب المواطن لصالح اقتصاد داخلي لا يعُد منتجًا.

 

خلفية وأرقام لمفهوم «طرق الجيش» والإتاوات المفاجئة

في سبتمبر 2024، رفعت الشركة الوطنية للطرق، التابعة للمؤسسة العسكرية، رسوم العبور على 11 طريقًا رئيسيًا طوله 30,000 كم بنسبة 50% وجاءت كالتالي:

• سيارات ملاكي وسيارات أجرة صغيرة: من 10 ج إلى 15 جنيها

• أتوبيسات: من 20 ج إلى 40 جنيها

• مركبات نقل ثقيلة: من 50 ج إلى 100 جنيها

• رسوم الشاحنات: تتراوح بين 500 ج و15,000 جنيها حسب الحجم والنقل.

ملاحظة: الرسوم الكمّيّة السابقة بحسب ما وثقته الشركة الوطنية للمرة الأولى منذ 2016، وكان الاشتراك الشهري وقتها 150 ج فقط

حاليًا، يُدفع إتاوة جديدة قدرها 1500 جنيه للمرور عبر عدد من الطرق العسكرية؛ كانت قد بدأت بحالات فردية على طرق مثل القاهرة الإسكندرية الصحراوي، لكنها توسعت بنطاق جغرافي ورسمي مؤخرًا، تم إلزام السائقين بها تحت تهديد تحرير محاضر وتشغيل ضباط من الجيش كمأموري ضبط قضائي.

وأوضح الخبير القانوني الدكتور كريم محمود أن الرسوم تفرض دون تعديل تشريعي عبر البرلمان أو موافقة شعبية، مما يطرح تساؤلات حول الشفافية وحكم القانون.

 

التداعيات السياسية والاجتماعية

تأتي هذه الزيادة في ظل حالة من الاستياء الشعبي المتزايد من سياسات حكومة السيسي الاقتصادية، التي تتسم بفرض ضرائب ورسوم جديدة بشكل متكرر، في وقت يُعاني فيه الاقتصاد المصري من تباطؤ النمو وارتفاع معدلات البطالة والفقر.

وقد بدأت وسائل التواصل الاجتماعي في مصر تشهد موجة من الغضب والانتقادات، حيث تصدرت هاشتاجات مثل:

• #لا_لزيادة_رسوم_طرق_الجيش

• #سيسي_يغرق_الشعب

• #إتاوات_الجيش_عبء_على_المواطن

هذه الهاشتاجات تعكس رفضاً شعبياً واسعاً للسياسات الحكومية التي تعتبرها معارضة استغلالاً غير مبرر للمواطنين.

 

أسباب الخطوة وتداعياتها

أ. الاقتصاد العسكري والريعية

يشير خبراء إلى أن التوسع العسكري في قطاع الطرق يهدف إلى تمويل مشاريعه وإنشاءات قادتها منذ 2013، وتحويل مصادر دخل عامة حيوية لمرابيح خاصة، كما يعتبرها البعض «سلوكًا اقتصاديًا مفترسًا» ضد القطاع الخاص.

ب. تكلفة النقل والضغط على المستهلك

رفع الرسوم أدى إلى زيادة تكلفة النقل والمواصلات بنحو 20 % مما يفاقم التضخم وضغوط المعيشة اليومية على المواطنين.

ج. زعزعة الثقة والاستياء الشعبي

التطبيق المفاجئ والإجباري لاستحداث رسوم “إتاوات” من دون تشريع برلماني أو تشاور أثار غضباً شعبياً، واعتبر نماذج تحقيق أرباح دون مساءلة أو شفافية.

ذكر الدكتور أحمد حسن اقتصادي: أن الهيكل العسكري في الاقتصاد يستغل كل زاوية لتحقيق دخل بلا رقابة؛ المواطن هو من يدفع ثمن ذلك.

حيث يمثل القرار:

• استنزافًا مباشرًا للفقير تحت غطاء “خدمات طرق” يفتقر للمحاسبة.

• تحويلًا للاقتصاد الوطني للسوق العسكري الذي يُعزز نفوذه بمعزل عن الضوابط البرلمانية.

• نذيرًا لمزيد من الرسوم غير التنافسية عبر بنية تحتية أساسية مثل الطرق، بما يصب لمصلحة الاقتصاد العسكري المناهض للاقتصاد الحر.

قامت الدولة من خلال اقتصاد عسكري منتفع بفرض رسوم مرور على الطرق تزيد بنسبة 50%، وفي بعض الحالات “إتاوة” ثابتة تبلغ 1,500 جنيهاً على الطريق الواحد، هذه الخطوة تعكس توسعًا غير قانوني للاقتصاد العسكري على حساب شرائح واسعة من الشعب، مضيفةً أعباء جديدة على المعيشة وتهديدًا لسمعة الاقتصاد الوطني، وترتبط هذه الزيادة بتوسع المؤسسات العسكرية في إدارة البنى التحتية، بعيدًا عن آليات المساءلة والرقابة الشعبية.